النفحات الإيمانية رسائل ربانية | بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الصباح
إذا أحب الله عبداً إبتلاه وإمتحن صدق توجهه إلى مولاه ، والإبتلاء من سنن الله فى خلقه الذى لا تبديل له ولا تحويل وهو تمحيص وتمييز للطيب من الخبيث أفراداً وأفعالاً وأقوالاً .
فإذا نظرنا مثلاً إلى حادثة كربلاء والتى تحل ذكراها فى العاشر من محرم وما حدث من قتل وتمثيل بأجساد الذرية النبوية الطاهرة على أيدى بعض المجرمين من عبدة الدنيا وأهل النار يتضح لنا بشدة وببرهان ساطع أن سيلان هذه الدماء الطاهرة من علامات هوان هذه الحياة الدنيا على الله وإلا لنجى الله أبناء سيد الخلق (رجالاً ونساءاً وأطفالاً) من هذه المجزرة البشعة .
كما أن هذه الحادثة هى رسالة ربانية تطمئن كل مكلوم بفقد حبيب بأن الله أعد موعداً آخر للقاء أبدى لا نهاية له فى نعيم لا يخطر على قلب بشر ، فالدنيا من الدنو والإنحطاط وسرعة الأجل ، والآخرة لا آخر لها ولا موت فيها ولا تعب ولا هم ولا حزن فقط فرح وسعادة دائمة .
فى شهر الله المحرم نفحات ربانية تليق بجلال الله وكرمه لا يلتمسها إلا من أنعم الله عليه بالصبر واليقين ، وقد استشعرت هذه النفحات وأنا أؤدى العمرة لولدى الحبيب وكأن الله أنزل على قلبى برداً وطمأنينة بأن ولدى الحبيب والذى وافقت ذكرى مولده يوم الخميس الماضى (١٣ سبتمبر ) ينتظرنى فى مكان يخلو من نفاق البشر وإجرامهم .
هذه النفحة الربانية هى رسالة من أرحم الراحمين بأن الصبر والإيمان بقضاء الله بعد النوائب الشديدة هو نجاح فى الإمتحان ونجاة من مصير آخر لا يعلمه إلا الله أعاذنا الله وإياكم من مصير مؤلم ، النفحات الإيمانية لا تستشعرها إلا القلوب التى تهيأت لإستقبالها و نور الله لا يُهدى لعاصى .
وأنا أنصح من يستشعر عظمة الله فى قلبه فى هدوء وسكينة بأن يغتنم الفرصة ويدعوا الله بما يحب فى هذه اللحظات ولا سيما بالنجاة فى الآخرة لكى نلقى الأحبة بلا خوف من فراق وآلام ، إلتمسوا نفحات ربكم وادعوا بما تفيض به قلوبكم تدخلون جنة ربكم وتلقون أحبتكم فى دار السلام ، فالعمر قصير جداً وهو أسبق بكثير من أحلامكم الدنيوية وأوهامكم بغدٍ أفضل بمعزل عن ربكم ، لأن الحياة الحقيقية هى حب الله وذكره والحضور فى معيته .
الحياة الحقيقية هى أن نرسل لأحبائنا فى حياتهم البرزخية سحائب من الرحمات الربانية تنزل عليهم كغيث الخير والسرور والطمأنينة من الصدقات الجارية والدعوات الصادقة ، لا تنسوا الفضل بينكم وخاصة بينكم وبين من فارق دنياكم من ذوى الرحم فإنهم يعيشون معنا بأرواحهم وبحضور أقوى مما سبق فى حياتهم الدنيا الفانية ، شمروا عن سواعدكم وعولوا دائماً على خبيئة العمل الصالح لأنه لا شئ يستحق التدبر والعزيمة والإرادة إلا ما ينجينا وأحباءنا ، نسأل الله تعالى أن يجمعنا فى مستقر رحمته وكل عام وأنتم جميعاً بخير وأمن وسلام.