كتاتيب البدون .. صفعة في تاريخ التربية
العلم يبني بيوتاً لا عماد لها … والجهل يهدم بيوت العز والكرم
لم استغرب حين إتخذ إخوتنا البدون العودة للكتاتيب، كونها خطوة لا بد منها في ظل عدم توافر التعليم المناسب لهم، والجميع على دراية تامة بخطورة الجهل والنشأة بغير علم. عدم استغرابي للفعل لا يعني رضاي به، فالمسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه. في الوقت الذي تنص الأمم المتحدة بأحقية كل طفل للتعليم، وفي الوقت الذي تسعى الدول لتوفير التعليم لسكانها نجد أننا في للكويت ورغم الوفرة المالية، نبعد أبناء هذا الوطن (بالنسبة لي المواطنة تحدد بالإنتماء والعطاء لا الورقة). الظروف الصعبة والجهل وقلة توافر العلم تشكل خطورة إجتماعية يجب الإنتباه لها، فما المتوقع أن ينتج من إجبار الناس على عدم العمل ووضعهم في ظروف معيشية صعبة واضطهادهم حتى في تكوين أنفسهم ومستقبلهم؟ فكنا نتمنى على الأقل أن تقوم الحكومة بالتعامل مع هذا الموضوع من منظور الخطورة الإجتماعية، لمصلحتها هي قبل غيرها.
نحن كبشر تحكمنا القيم الإنسانية الفطرية وكمسلمين تحكمنا التعاليم الإسلامية، وبكلا المنظورين حقوق الإنسان لا جدال فيها، ولا ينبغي ولا حتى يسمح لأحد بأن ينتقص من حقوق غيره بلا مسبب بيّن. المكسيكيات يهربن عبر الحدود المكسيكية ليضعن أبنائهن الرضع في الجانب الأمريكية، وفي المقابل تقوم الحكومة الأمريكية “مجبره” بالقيود الإنسانية أن تحتضنهم وتربيهم وتعلمهم وتجعل منهم مواطنين صالحين، فمالذي يجبر أمريكا على فعل ذلك وهي تستطيع إرجاع الأطفال الرضع للمكسيك!!
في بريطانيا وأمريكا يتلقى أبناء الطلبة الأجانب التعليم على مستوى عالي ويراعون موانعهم وعاداتهم الدينية واللغوية والإجتماعية دون تمايز، رغم علمهم التام بعدم مواطنة هؤلاء وأبنائهم. المحزن في هذا الموضوع أن الأبناء لا ذنب لهم، ولو افترضنا جدلاً أن الأباء كانوا “مخطئين” فلماذا يتحمل هذا الطفل “أخطاء والديه” (لو سلمنا بذلك طبعاً) وتعنت الحكومة الغير مبرر. لا يمكن أن تضع الإنسان في ظروف قهرية وبيئة غير مناسبة وتجبره على التعايش معها ثم تحاسبه على تبعات هذه النشأة. ولما تضيع الحكومة هذه الطاقات الإبداعية والقوى البشرية، التي تستطيع أن تجعل منهم مواطنين منتجين صالحين.
العالم منشغل بتحسين جودة التعليم ورفع كفاءة المحصلة العلمية للطلبة، ونحن بسبب “الهوية” نمنعهم من الوصول إليه بالرغم من قدرتنا على توفيره. المحزن في الموضوع أن يضطر هؤلاء البدون الرجوع للخلف رغبةً منهم بتعليم أبنائهم ومحاولة يائسة منهم بتوفير حياة كريمة لهم. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
عبدالله العازمي
رئيس تحرير جريدة أكاديميا