التعليم والثروة المهدرة | جمال العجمي
“التعليم هو أقوى الأسلحة التي تمكنك من تغيير العالم- نيلسون مانديلا”
إن أمعنّا النظر من حولنا فسنرى واقعنا المرير وسنجده لا يختلف كثيراً عن واقع التعليم في هذه البقعة من الأرض …لذا فما العجب!
نتغنى ليلاً ونهاراً في كل محفل عن أهمية التعليم في بناء الحضارات، وعلى أرض الواقع نجد أن هذا المعلم المسكين يتحمل أعباءاً فوق طاقته الجسدية و النفسية دون أي مردود معنوي أو مادي مناسب. ولو كان الأمر بيدي لأصبح على رأس سلم الأجور والرواتب، ففيما يبني المهندس منشأة و يعالج الطبيب مريض فالمعلم يبني الوطن!
حاول الكثيرون إصلاح التعليم بالنظر إلى المناهج وتطوير طرق التدريس وتدريب المعلمين واستخدام التكنووجيا على نطاق ضيق حتى الآن على الأقل، وغفلوا عن الثروة التي هي أمام أعينهم! الأمر الذي جعل التجديد في طرق التعليم ضرورة لا خيار!
صدّق أو لا تصدّق عزيزي المعلم فالثروة هي أمام عينيك، الثروة هي هذه العقول التي اعتبرهم الجميع أرفف يجب تزيينها بالمعلومات والحقائق متى ما مكّنهم الوقت والجهد.
هي مجموعة عقول لم يتم استثمارها بالشكل الصحيح، فعندما تعتبر الأذكى منهم هو من يستطيع تخزين أكبر كم من المعلومات ثم تفريغ هذه الحمولة بورقة أسئلة الامتحان يجعلني أجزم بأن الطالب ما هو إلا مخزن!
يجب أن نعي أولاً بأن الطريقة التي جعلتنا نجلس في الجهة المقابلة لهم…غير مناسبة لهذا الجيل …فمن غير المنطقي أن نطالبهم بالسفر عبر قوافل الإبل في هذا العصر!
إعتماد هذا الجيل على التكنولوجيا بشكل كبير يحتم علينا إيجاد سبل لصقل ما تعلمناه في هذا القالب الذي يجيدون فهمه، فهم أجادوا إستخدام مواقع التواصل الإجتماعي بجهودهم الذاتية، يقودهم الفضول أو المعرفة أو حتى الموضة سمها ما شئت ولكن الحقيقة أنهم أجادوها و لك في قنوات اليوتيوب من مهارات و مواهب كثيرة خير دليل…
فهم نفس الأشخاص الذين كانوا أمامك في الفصل، تفجرّت مواهبهم فقط عندما وجدوا الوسيلة.
من هنا فإن إشراكهم في العملية التعليمية أصبح ضرورة في ظل هذه المعطيات و الوسائل، و اضرب مثلاً على نفسك عزيزي المعلم عندما تقوم بدور هامشي في مهمة ما – إن لم أقل بلا دور- و مدى تأثير ذلك على شعورك لأداء هذا الدور…بلا شك فإن حماسك سيكون إنعكاساً لهذا الشعور!
وكذا الطالب، فشعوره أنه مجرد رف أو مخزن للمعلومات – أعتذر على اللفظ و لكن هذا ما نقوله في الغرف المغلقة- ودوره التلقي فقط، فإنه سيفتقد للحافز الذي كان سيجده في أداء دور أكبر و أهمية أكثر لدوره في المنظومة التعليمية.
الفكرة هنا أن يتقمص الطلاب دور المعلم… ثم يتداولوا دور المعلم فيما بينهم!
التطبيق واستخدام التكنولوجيا
و في ضوء ما تقدم نشأت فكرة تطبيق هاتفي in10m وهو تطبيق مجاني لطلبة المرحلة الثانوية يتم من خلاله تسجيل شرح للمواد العلمية والأدبية خلال ١٠ دقائق و مشاركتها مع الآخرين الذين يقومون بتقييمها والتعليق عليها.
الأمر الذي:
يعزز مفهوم التعاون
يكون واحة للإبداع
يخلق نادي للتنافس في إيصال المعلومة بأقصر وقت
إعادة الثقة في قدرات الطلبة بالإعتماد على النفس
توفير الوقت بالمختصر المفيد خلال ١٠ دقائق
تعدد مصادر المعلومة و إعطاء الطالب الخيار والحكم
رفع الأعباء المادية عن كاهل الأسر
توفر المعلومة في أي وقت و أي مكان
اكتساب مهارات التفكير النقدي
تقبل النقد والحوار
إستخدام وسائل تكنولوجية مألوفة لديهم و تواكب نمط حياتهم.
يبعدهم عن الرتابة عن الطرق التقليدية في الدراسة التي قد تكون مملة للبعض!
حالياً التطبيق متوفر لمناهج
الكويت – السعودية – مصر
سؤال يواجهني كثيرا:
كيف تضمن جودة الشرح والمعلومة؟
فأقول و بالله التوفيق،
أولا: التطبيق ليس بديلا عن المدرسة
ثانيا: فعلا التطبيق لا يضمن جودة الشرح ولكن يضمن بعد الله أنها أفضل وسائل التعليم الحديث… فالطالب هو الحكم و مجرد أن يتحاور الطلاب مع شارح الدرس الذي هو من أقرانهم… يشعرون بأريحية فيسألون ما بدا لهم إما بالتأييد أو بالنقد أو بالإستفسار ويتكون هناك عصف ذهني … وعند إختالفهم ستجدهم يسألون المدرس في الغد عن صحة ما دار بينهم هذه العملية كفيلة برسوخ المعلومة مقارنة بإسلوب التلقي و الحفظ فقط.
ثالثا: لنبتعد عن الوصاية فنحن نتحدث عن نهج جديد لا نريدها نسخة تقليدية عن المدارس التقليدية في تمحيص المعلومة رغم أهميتها بل لخلق مساحة من الأريحية و التفاعل و التفكير النقدي و التقييم فكما هو معلوم فالطالب يفضل الحديث و الحوار مع أقرانه بشكل أكبر و أكاد أجزم لو طبق بهذا الشكل بعيدا عن الوصاية سندهش بالنتائج فقد يضجر الطالب في هذا السن من الرقيب.
رابعا: لا يمنع المدرس أو المدرسة من المشاركة بالشرح شريطة أن لا يشعر الآخرين أنه مدرس أو رقيب عليهم ويستطيع التعليق على الآخرين بتصحيح المفاهيم أو الإستفسار و النقد و ليرى كيف ينافسه طلابه في الشرح و قد يرى عجبا في التقييم!
يبقى أن نوجه دعوة لمن لا يرى التعليم مجرد شعار .. إلى كل طالب و طالبة يهمهم أن يرتقوا بقدراتهم و تحصيلهم العلمي .. إلى كل مدير و مديرة مدرسة ثانوية يهمهم أن تكون مخرجات مدرستهم يشار إليها بالبنان.
نرجو دعم التطبيق و الحث على استخدامه لتعم الفائدة ونعمر الأرض معاً من جديد!
و الله ولي التوفيق،،،
جمال العجمي