إصلاح التعليم.. أولى خطوات تصحيح المسار…بقلم أ. د. عبدالله الغصاب
العميد المساعد للشؤون الأكاديمية في كلية التربية الأساسية
تابعنا باهتمام بالغ الجلسة الخاصة لأداء اليمين الدستورية لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح – حفظه الله ورعاه – في مجلس الأمة، حيث استمعنا إلى تلك كلماته الصادقة، والتي جاءت معبرة عن آمال المواطنين وطموحاتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل، لتحقيق الازدهار والرفاهية وضرورة تطبيق القوانين والعدل الوظيفي وغيرها والتي غابت لسنوات، لأسباب عدة يأتي في مقدمتها التناحر السياسي وعدم الاستقرار السياسي بين أعضاء مجلس الأمة والسلطة التنفيذية مما أدى إلى عدم توافر رؤية أو خطط استراتيجية لإقرار القوانين وسن التشريعات اللازمة لتنفيذ المشاريع الكبرى والنهوض بمؤسسات الدولة، وان كان هناك تقدم في الفترة الأخيرة من إصدار بعض القوانين إلا أنها لا تلبي طموح المواطنين واحتياجاتهم والارتقاء بالدولة.
وتأتي كلمة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد نبراسا وسراجا منيرا أمام الجميع ولتضع أيدينا على الجرح الغائر في أركان الدولة ومفاصلها بالوزارات والجهات الحكومية، والتي جاءت نتيجة الإهمال وعدم الاكتراث لمطالب المواطنين وغياب المصلحة العامة بإعلاء المصالح الخاصة لدى البعض على مصالح البلد والمواطنين، وهو ما أكد عليه صاحب السمو في خطابه الأميري بمجلس الأمة بمناسبة توليه مسند الإمارة.
إن الكلمات السامية في الخطاب الاستثنائي لسمو الأمير جاءت مباشرة وصريحة ومعبرة وتعكس ما يعاني منه المواطنون من مشاكل واحتياجات جوهرية، والذي تتطلب ترجمته بسرعة اتخاذ القرارات من السلطتين التنفيذية والتشريعية وعدم التقاعس عن اتخاذ القرارات المهمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية ومعيشة المواطنين والنهوض بالمشاريع الكبرى التي تأخرت لسنوات في ظل هذا التناحر المستمر بين السلطتين.
ويأتي في مقدمة تلك القرارات التي لابد من الإسراع في اتخاذها قرار إصلاح التعليم ومؤسساته التعليمية والأكاديمية، والذي لابد أن يكون من أولى الأولويات لخارطة تصحيح المسار للحكومة القادمة، إذ يعتبر التعليم العمود الفقري لأي مشروع تنموي أو اقتصادي في مجتمع متطور ومتحضر بدول العالم، وبغياب التعليم عن أي عملية إصلاح لن نتقدم أي خطوة للأمام، بل انه سيكون بمنزلة انتحار وانهيار للمجتمع، فالاهتمام بالكوادر البشرية الوطنية وتسليحها بالعلم والمعرفة يسهمان ويضمنان تطوير مهاراتها وتعزيز قدراتها، بما يتماشى مع متطلبات العصر والتقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وهو امر في غاية الأهمية والذي يعد مفتاحاً لبناء مجتمع يستند إلى المعرفة والابتكار، مما يسهم في التقدم والازدهار الشامل.
لقد نادينا وكتبنا مقالات عدة للتأكيد على ضرورة الاهتمام بالتعليم، وما زالنا نؤكد على أن أولى خطوات تصحيح المسار التي يجب على السلطتين التنفيذية والتشريعية العمل معاً من أجلها هي إصلاح التعليم ومؤسساته كافة، ووضع رؤية وخطط استراتيجية لتطبيقها، غير مرتبطة بأشخاص معينين أو مناصب او محاصصات، وإنما تكون في اطار برنامج عمل زمني ينفذ وفق الجداول الزمنية المحددة لها.
وأخيرا.. إن الخطاب السامي لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد جاء بمفاهيم ومضامين يعيها الصغير قبل الكبير، هي ضرورة التأكيد على تصحيح المسار والعمل من أجل الكويت وشعبها، ووضع مصلحة الكويت أولاً نصب أعيننا، والتي تبث روح التفاؤل والأمل في أنفسنا جميعاً لتحقيق ما يتطلع إليه الشعب الكويتي ويطمح إليه، ونحن في النهاية نقول سمعا وطاعة حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد.
اللهم احفظ الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه