سوسن إبراهيم تكتب : ببجي والصحة النفسية
همسات تستنجد “لقد حاصروني، ما العمل؟ فلترمي القنبلة عليهم، أسرع..” تكاد لا تلتفت إلا وهمسات الجالسين تثير حفيظتك وتحرك فضولك، لتعرف ما معنى كلامهم المتداول عن الأسلحة والملاحقة والاستنجاد ولكن الحقيقة المرة أن محادثاتهم المثيرة عن الهرب والنزاع ما هي إلا لعبة حديثة أصبحت رائجة ومتداولة كما كل ما هو غريب وجديد.
“ببجي” كما تسمى هي لعبة فيديو تعتمد على المحادثة المباشرة بين اللاعبين والمهارة والسرعة، والهدف منها هو البقاء على قيد الحياة في حلقة مليئة بالقتلة والصعاب التي يجب تجاوزها للنجاة. هذه اللعبة تساهم في زيادة العنف وتجعل الأطفال متبلدين اتجاه تلك المشاحنات او المشاكسات التي تحث على مبدأ القتال والتهميش والبقاء للأقوى.
ببجي كما غيرها من ألعاب الفيديو التي تعتمد على الصراع او القتال تؤثر على صحة اللاعب العقلية والنفسية والجسدية. فتحيله لشخص كسول وخامل مما يزيد من خطر السمنة وكذلك تعبث بمزاجيته فيصبح انطوائيا أو حتى مكتئبا نتيجة تسمره امام تلك الأجهزة الإلكترونية وقد شهد العالم حالات انتحار متعددة نتيجة التأثر البالغ بها. وإدمان هذا النوع من الألعاب تجعل اللاعب يعيش حياة افتراضية مع أشخاص افتراضين كمواقع التواصل الاجتماعي التي ما إن تدخل حياة الفرد حتى تشكله بأي صورة يرغب، صورة مثالية وتدعي الكمال أو نرجسية ترتوي على المديح والثناء!
إذًا فألعاب الفيديو اليوم لا تعتبر ألعابا ترفيهية فحسب بل أسلوب حياة اتخذها الكثير من المراهقين لتكون متعتهم الوحيدة في عالم يضج بالتكنولوجيا والتقنية. بل أصبح انتشارها دليلا على إدمانها واستحواذها على عقليات وأوقات الشباب.
ولذلك ومن مبدأ السلامة الاجتماعية والصحة النفسية فإن عدة دول حظرت اللعبة ومنها الصين، هند، النيبال، العراق، والأردن لتبعاتها السلبية وتأثيرها الخطير على نفسية المراهق وعقله التي تنمي بنفسه روح العنف والعدوان وتجعله أكثر قابلية للتنمر على الآخرين.
لا بأس بقضاء بعض الوقت بألعاب الفيديو ولكن نُحذر من مشكلة إدمانها والتأثر بها. فمحتوى تلك الالعاب غالبا ما تكون مليئة بالقسوة التي بدورها تشجع على الشجار وإقصاء الأخر، بدلا من وسيلة الحوار التي تعتبر من مظاهر التحضر والشخصية السوية التي تنمي بالنفس تقبل الاخر.