كتاب أكاديميا

مرشحكم لمجلس الأمة الكويتي، السيد “بيبي ترامب” بقلم: د. عبدالله المديرس

 

أصيب العالم وخاصة الدول العربية بالصدمة والفزع بعد إعلان نتائج إنتخابات الرئاسة الأمريكية ونجاح السيد دونالد ترامب في السباق الرئاسي. الشارع الكويتي وبشبه إجماع أبدى امتعاض ممزوج بالحسرة والخوف تجاه تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية وصب جام غضبة على الشعب الأمريكي “الجاهل” الذي دعم وصول مثل هذه النوعية من المرشحين لسدة الرئاسة.
يرجع أصحاب هذا الرأي رغبتهم بعدم وصول ترامب للرئاسة لعدة أسباب أبرزها العنصرية المعلنة التي يتغنى بها ترامب والتي قد تنعكس على تعامله مع العرب. سبب أخر هو كون ترامب تاجر ومليونير مما يتعارض مع أبسط مبادئ التشريع وتضارب المصالح. كذلك فإن ترامب بحسب هذا الرأي يستخدم الدين لاستقطاب الأصوات وخاصة توجهاته ضد الإسلام والمسلمين. كل هذا وبالإضافة إلى أمور أخرى مثل ركاكة الإسلوب والمستوى المتدني من العلم والأخلاق التي تظهر واضحة على الرئيس الأمريكي المنتخب شكل رأي رافض لهذا الرئيس داخل المجتمع الكويتي.
قد أتفق مع ما ذهب إليه هذا الرأي بشأن الكثير من عيوب السيد ترامب مع تحفظي على درجة تأثيرها على الشعب الكويتي إذا كان لها تأثير أصلا. الملفت بالموضوع أن الإنتخابات الأمريكية بينت لنا أن الشارع الكويتي واعي ولدية القدرة على تمييز مساوئ ترامب كما أسلفنا سابقا ومعاتبة الناخب الأمريكي على اختياراته ومع ذلك فإن نظرة سريعة على مخرجات مجالس الأمة المتعاقبة على مر السنوات يشكل تناقض كبير مع وجهة النظر هذه.
اسال نفسك عزيزي الناخب وعزيزتي الناخبة، كم من مرشح في الانتخابات الكويتية لعب على وتر العنصرية واستغل أصله والفئة التي ينتمي إليها سواء قبيلة أو عائلة أو مذهب للنجاح والوصول للمجلس؟ كم عدد المرشحين من التجار الطامحين إلى زيادة ثروتهم من خلال المجلس؟ كم من مرشح تغنى بالطائفية والترهيب من مذهب الآخر حتى يصل للكرسي الأخضر؟ كم مرشح يفتقد إلى أبسط مبادئ الأخلاق ويصرف آلاف الدنانير لرشوة الناخبين؟ وأخيرا، كم عدد المرشحين أصحاب المبادئ والتوجهات الواضحة والخطط المدروسة الهادفة إلى الإرتقاء بالكويت وتحسين أوضاعها؟

 

قد يكون السيد ترامب سيئ كونه شخص واحد يتصف بعدد كبير من الصفات المعيبة لكن الحقيقة المؤلمة أن مخرجات الإنتخابات الكويتية لا تقل سوء عن تلك الأمريكية ولو جمعنا صفات أغلب المرشحين لظهر لنا بوضوح ترامب عملاق يقبع في أروقة مجلس الأمة الكويتي. قد لا تجد في مجلس الأمة الكويتي شخص واحد يحمل صفات ترامب السيئة مجتمعة لكن بالتأكيد هناك من المرشحين العنصري والتاجر والطائفي والجاهل وبأعداد متفاوتة كما تجد قلة من أصحاب المبادئ والعقول الطامحة لخير البلد والمصلحة العامة. ببساطة، كثير من مخرجات مجالس الأمة الكويتية المتعاقبة لا تتعدى كونها نجاح لما يمكن أن نطلق عليهم ترامبز صغار أو (بيبي ترامب). الملام في هذا الوضع هو الناخب الكويتي الذي أوصل هذه النوعية للكرسي الأخضر لأهداف شخصية ونظرة ضيقة.
إنتخابات مجلس الأمة الكويتي قادمة قريبا وأتمني من كل ناخب أن يراجع نفسة وانتقاداته للشعب الأمريكي الذي أوصل السيد ترامب ويطبق هذا النقد على مرشحة بشكل حيادي ويتذكر دائماً أنه إذا كان نجاح ترامب قد يسبب كوارث عالمية فإن نجاح بيبي ترامب بالتأكيد راح يزيد الطين بله محليا

د.عبدالله المديرس

عضو هيئة التدريس بكلية التربية الأساسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock