كتاب أكاديميا

التعليم مسرحية هزلية | كتب: د. صلاح العتيقي  

لا يستطيع شعب في العالم أن يتقدم أو يترقى إن كان لا يعطي العلم الأهمية القصوى في أولوياته. التعليم في الكويت مسرحية هزلية سمجة وقبيحة صُرفت عليها ملايين من دون مردود يذكر، أبطالها هم:

أولاً الطالب: وهو المادة الخام التي كان باستطاعتنا تشكيلها كيفما نشاء، ولكننا مع الأسف لم نفعل.

ثانياً المعلم: هو الذي كاد أن يكون رسولاً في يوم من الأيام (مع الاعتذار لأمير الشعراء أحمد شوقي)، وأصبح يُباع ويُشترى من الطلبة.

ثالثاً الجامعات وأصحابها: أبعد ما يكونون عن التعليم، وهدفهم الربح فقط.

رابعاً وزارة التربية: وهمها هو إعطاء الشهادة والتخلص من الطالب بأسرع وقت.

خامساً المناهج: التي هي أهم العناصر التعليمية، ولكنها مع الأسف لا تلبي احتياجات البلد ولا تماشي العصر.

هؤلاء هم أبطال مسرحيتنا البائسة، فجميعهم قد ساهم في إيجاد عطلة وأصحاب قيم مختلة عن العمل.

شخصياً، لم أكن متشائماً في حياتي مثل هذه الأيام مع أنني لست من الباحثين عن الخطايا في المسؤولين، وقد قلتها من قبل لا أريد تغيير ساسة، بل تغيير سياسة بأخرى تنتشلنا مما نحن فيه من عجز وتخلف، فالأرقام لا تكذب، فنحن في أسفل السلم التعليمي بين الدول، فلم تعد جامعاتنا تصنف كبقية جامعات العالم، فقد سبقتنا دول عديدة مثل بنغلادش وسيرلانكا ودوّل أفريقية شتى.

بالأمس القريب، طالعتنا الصحافة المحلية بتصريح لوزير التربية وبأرقام صادمة وهي أنه ليس لدينا مدرسون كويتيون لمادة الفيزياء. طيلة 50 سنة من التعليم الجامعي لم نخرج إلا أربعة مدرسين في الفيزياء، بينما لدينا 1292 مدرساً للتربية البدنية، فأي فضيحة تلك؟ لا شك في أن السبب هو القائمون على التعليم طيلة هذه السنين، فكثير منهم من أصحاب الشهادات المضروبة والمشتراة من الدكاكين التي تبيع الشهادات والأبحاث على عينك يا تاجر.

سوق العمل متعطش لخريجي العلوم التطبيقية، ولكنها لم تخرج فنياً ولا كهربائياً ولا نجاراً ولا فني سيارات طيلة هذه السنوات، حتى كثير من الكليات النظرية لا قيمة لخريجيها إذا لم يعملوا في مجالهم، فلم نر إماماً أو خطيباً أو مرشداً لخريجي كلية الشريعة. الجامعات النظرية والمفتوحة والافتراضية تتصدر المشهد هذه الأيام، وكأننا بحاجة إلى عطلة ومشوهين وحملة شهادات لا تسمن ولا تغني من جوع، لا بد من إسدال الستار على هذه المسرحية ومعالجة عناصرها الخمسة التي ذكرناها وإلا فانتظروا كثيراً من التخلف.
د. صلاح العتيقي

نقلاً عن القبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock