كتاب أكاديميا

سعد ثقل العجمي يكتب: الشعر ومكانته في الإسلام وعند العرب

عند جريان الحبر للحديث عن الشعر، نستحضر كلمة الشاعر الدمشقي نزار قباني عندما يقول: ما أسهل كتابة الشعر وما أصعب الكلام عنه.

يعتبر الشعر.. الوسيلة الإعلامية الوحيدة عند أبناء الصحراء وسكانها، والشاعر وزير الإعلام، والناطق الرسمي باسم القبيلة.

لذلك احتل الشعر في الجاهلية وصدر الإسلام، مكانةً عظيمة، يقول الأديب ابن رشيق القيرواني كانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيهم شاعر أتت القبائل تهنئهم ويصنعون الأطعمة وتقبل النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعون في الأعراس ويتفاخر الرجال بذلك لأنه حماية لأعراضهم ويذب عن أحسابهم وتخليد لمآثرهم وإشادة لذكرهم وكانوا لا يهنئون إلا بغلام وُلد أو شاعر نبغ.

ولهذا السبب وغيره كان النبي صلى الله عليه وسلم يحترم الشعر والشعراء ويقدم لهم المنبر، فقد كان يقرب منبره الشريف ويقول لشاعره حسان بن ثابت: (أهجهم وروح القدس يؤيدك)

ويقول عالم الاجتماع المسلم الكبير ابن خلدون عن الشعر ومكانته عند العرب: واعلم أن فن الشعر من بين الكلام كان شريفاً عند العرب، ولذلك جعلوه ديوان علومهم وأخبارهم وشاهد صوابهم وخطئهم، وأصلاً يرجعون إليه في الكثير من علومهم وحكمهم. وكانت ملكته مستحكمة فيهم شأن ملكاتهم كلها. والملكات اللسانية كلها إنما تكتسب بالصناعة والارتياض في كلامهم، حتى يحصل شبه في تلك الملكة.

أما نزار فيقول بلسانه العصري ونزعته الحداثية..

إذا أخذنا دبوساً، وأدخلناه تحت جلد أي مواطن عربي، فإن سائلاً سحرياً سوف يتدفق.

هذا السائل ليس نفطاً ولا هو من مشتقاته وإنما هو سائل أخضر اللون ذهبي الشعلة أبدي التوهج.. اسمه الشعر

الشعر لا النفط هو مخزوننا الحضاري.

في مقالة له عن الشعر يقول الأديب المصري الكبير المنفلوطي:

لا مؤثر في نفس الإنسان غير الشعر، وما خضع الإنسان لشيء في جميع أدوار حياته إلا للشعر، وللشعر الفضل الأول في نبوغ الإنسان وارتقائه وبلوغه هذا المبلغ من الكمال.

آية الشعراء وموقف القرآن منه

وبخصوص ما ورد عن الشعراء في القرآن من بعض الآيات التي ظاهرها الذم فيقول المفسر ابن كثير: وأخرج ابن أبي حاتم قال حدثنا أبي حدثنا أبو مسلم حدثنا حماد ابن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة قال: لما نزلت {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} إلى قوله: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله قد علم الله أني منهم فأنزل الله تعالى: {إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية”. ثم قال: “ولكن هذه السورة مكية فكيف يكون سبب نزول هذه الآيات شعراء الأنصار وفي ذلك نظر ولم يتقدم إلا مرسلات لا يعتمد عليها والله أعلم.

وقال إمام البلاغة الزمخشري: “استثنى الشعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله وتلاوة القرآن وكان ذلك أغلب عليهم من الشعر وإذا قالوا شعرا قالوه في توحيد الله والثناء عليه والحكمة والموعظة والزهد والآداب الحقة ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة وصلحاء الأمة وما لا بأس به من المعاني التي لا يتلطخون فيها بذنب ولا يتلبسون بشائنة منقصة وكان هجاؤهم على سبيل الانتصار ممن يهجوهم2.

وقال المناوي رحمه الله: “وقد انعقد الإجماع على حِلِّ قول الشعر إذا قلّ وخلا عن هجوٍ وكذب وإغراق في مدح وتغزل فيما لا يحل”

سعد ثقل العجمي

عضو هيئة التدريب في كلية التربية الأساسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock