محمد علي كلاي .. كقدوة حسنة | كتب: الشيخة حصة الحمود الصباح
غالبا ما يشغل تفكيرنا البحث عن القدوة الحسنة ، والقدوة من الإقتداء والإقتفاء وهو تتبع الأثر أو المنهج فى عموم الأمر ودائما ما نبحث لأنفسنا عن القدوة الحسنة لنا ولأطفالنا كنوع من التحفيز للتحرر من سجن العادات اليومية والأفكار التقليدية المعلبة ونخشى على أنفسنا من أن نكون لا إراديا إمتداد لحالة الجمود والكسل والإحباط التى أصابت مجتمعاتنا العربية حتى أصبحنا نخشى على أبنائنا من الفتنة فى كل شئ فلا احتفظنا بقيم الآباء والأجداد فى مجتمعات آمنة محافظة ولا نستطيع الفكاك من مستجدات العصر ومتطلبات الحداثة والتحديث فى هذا الكيان المجتمعى المحافظ فاختلطت علينا الأمور وزاد الخوف على الأبناء والشفقة عليهم منا نحن الآباء لأننا نريد لهم الخير والأمن بما نملكه من خبرات وفى نفس الوقت لا نريد أن نفرض عليهم ما لا يناسب جيلهم وما يؤثر على تكوين شخصيتهم .
لقد تبادر الى ذهنى ذلك الأمر وقد ضجت مواقع التواصل الإجتماعى بخبر وفاة بطل الملاكمة العالمى محمد على كلاى وكيف أن رحيله أحزن الكثير من الناس بمختلف أعمارهم و ذهب كثير من الشباب الى متابعة تسجيلاته القديمة فى جولات الملاكمة وفى حواراته التليفزيونية ، فالراحل لم يكن فقط أفضل رياضى فى القرن العشرين فحسب ولكن كان أيضا بطلا فى شخصيته القوية خارج الحلبة وفى ثقافته ووعيه وصبره وعزيمته وإتساقه مع مبادئه وخاصة بعد إعتناقه الإسلام والذى كان محمد علي كلاى ينظر من نافذته الإنسانية كرسالة عالمية ، ويا ليت يفهم المسلمون حاليا دينهم كما كان يفهمه البطل الذى رحل عن عالمنا بجسده وبقى فينا بتكامله الرياضى والإنسانى ، محمد على كلاى الذى ولد لأسرة مسيحية دخل الإسلام من الباب الكبير باب الرحمة والعدل والمبادئ العظيمة فأصبح عظيما فى قلوب الجميع ولم يدخله من باب المذهبية الضيق حيث ثقافة القتل والتكفير والتفجير والإقصاء للمخالف .
لا شك أن أشدنا إحتياجا للقدوة الحسنة هم أبناؤنا ، هم ثمار حياتنا اليانعة وهم بحاجة لمن يرشدهم ويحفزهم لثقافة الحب والخير والجمال ، يحتاجون لمن يحنو عليهم ويمسح دمعهم ويرشدهم الي الطريق السليم فللأسرة دور عظيم لأن الأسرة هى الحصن والأمان وعليها مسئولية مراقبة الأبناء وتربيتهم على القدوة الحسنة وثقافة الرحمة والإلتزام الأخلاقى ، محمد على كلاى هو النموذج والقدوة الحسنة العصريه التى يجب أن نربى عليها الأبناء فى كيفية الجمع بين القوة والبطولة والإنجاز وبين الإعتزاز بالدين وفهمه بشكل صحيح حتى لا يقع أبنائنا فى براثن التطرف الفكرى والإقصاء والإنحراف بكل صوره وأشكاله … النماذج كثيرة ولكنى إخترت البطل محمد على كلاى الذى أبهر العالم من عشرات السنين حتى للأجيال الحالية التى لم تعاصره ، لأن القوة والإبهار تنبع من الذات ولا تحتاج لترويج دعائى .
لذا أنصح كل أب وأم بتنشأة الأبناء على القدوة الحسنة وخاصة فى مرحلة الطفولة لأن الطفولة صفحة بيضاء يتشكل فيها الوعى وتبدأ تتضح فيها معالم الشخصية المستقبلية ، فأبناؤنا هم رأس مالنا فى هذه الحياة ويتوجب علينا الحفاظ عليهم وان نكون لهم او نبحث لهم عّن قدوة حسنة فإلا لا نلموهم ان اختارو هم قدوتهم علي حسب اهوائهم.