كتاب أكاديميا

يوسف عوض العازمي يكتب: فكاهة .. في زمن الكورونا!

” السخرية ليست تنكيتًا ساذجًا فقط، لكنها نوع من التحايل العميق، وهذا ما يجعل هناك فارقًا بين «النكتجي» و«الكاتب الساخر»، فالأول يشبه «الحنطور»، بينما يشبه الثاني «الطائرة» “

( أحمد رجب )

في أي أزمة قد ينقلب الشعور الإنساني إلى إحساس متغير تتبدل فيه حالة الفزع و الخوف إلى فكاهة و ضحك و كأن الوضع في خانة اللآمبالاه !

و بالطبع وسائل التواصل الإجتماعي ساحة خصبة لنشر الشائعات ، و التوقعات التي هي غالبا” توقعات ما انزل الله بها من سلطان ، و كذلك تنتشر الفكاهات و يكون للنكتة دورها العميق خصوصا” إن كان معناها يلامس المخاوف و يفسر التوجهات النفسية للعامة ، و مما وصلني هذه النكتة التي تعبر بشفافية عن الخوف الكامن في النفوس ، و تأثير كورونا : ” اليوم دخل في البنك أثنين لابسين كمامات ، الناس خافت، لكن لما عرفوا إنهم حرامية إرتاحوا ” !

ماذا نفهم من النكتة المذكورة ؟

أظن أن صياغتها توحي بمعاني عميقة و ذكية ،و من قلب الحدث ، حيث تبين كيف وصلت درجة الهلع من الفايروس لدرجة أن ” الحرامية ” لم تعد خطورتهم تمثل هاجسا” رغم الخوف حيث أصبحت درجة الخوف من الفايروس أعلى من درجة الخوف من أقتحام بنك و من حرامية يلبسون الكمامات !

أيضا” سأورد نكتة أخرى لاتقل طرافة عما ذكرت و هي بما معناه ( بتصرف ) : أحدهم يسأل طبيب : دكتور مالذي يجب علي أكله حتى أستطيع تقوية المناعة ؟ يرد عليه الطبيب بغضب : أكل تبن و أنثبر بالبيت و لاتطلع بره إلا للضرورة و اللي عندنا مكفينا !

معنى هذه النكتة واضح و قد يكون مؤلفها طبيب ، نظرا” لكمية التوعية بها ، و إن كانت بشكل لاذع و طريف ، لكنها تقدم تحذير شديد بالإلتزام بإجراءات الوقاية من المرض المعدي ، و إلتزام عدم الخروج من المنزل ، أو مايسمى بالحجر المنزلي .

يقول إستاذ علم النفس بجامعة الكويت د. عدنان الشطي : قيمة النكتة انها تتجلى في كونها انعكاسا لرؤية داخلية تجاه اوضاع حياتية معينة، ففي بعض الاحيان يكون الهدف منها هو الاضحاك، والضحك في حد ذاته علاج، حيث يساعد المرء على التنفيس عن انفعالاته وعصبيته، على رغم ان النكتة لا تحل المشكلات ولكنها تساعد الشخص على جعله اقل عرضة للأمراض، فالشخص كثير الضحك اقل عرضة للإصابة بأمراض كثيرة مثل القلب، خاصة وكثرة الضحك تنشط عضلات الجسم، وتحدث تغيرات فسيولوجية عديدة كزيادة نشاط الغدد الدمعية، وسرعة التنفس، وزيادة السكر في الدم.*

علينا أيضا” الإنتباه بأن النكتة هي سلاح معنوي يستخدمه العامة و حتى المثقفين و بالتأكيد أيضا” السياسيين لنشر أمر ما ، أو للتنبيه عن خطر أو فساد أو غير ذلك ، و أحيانا” تكون النكتة أداة للتنفيس عن المجتمع بتقديم إنتقادات لاذعة للنظام السياسي أو لحدث ما ، أو ماشابه ، و لنا في مصر أرض الكنانة أمثلة عديدة و هي التي إشتهرت بالنكتة الساخرة عن أوضاعها ، و أتذكر أنه مرة قرأت أن الرئيس المصري الأسبق انور السادات رحمه الله كان يطلب أحد المسنشارين مره كل اسبوع ليحكي له عن آخر النكات ، بمعنى آخر أن النكتة كانت ” واتساب _ تويتر ” ذاك الوقت !

يوسف عوض العازمي
alzmi1969@


  • في لقاء مع جريدة القبس الكويتية في 1 يونيو 2006 م .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock