«التطبيقي»… والشهادات الكرتونية كتب:أ. د. عبداللطيف بن نخي
بقلم: أ. د. عبداللطيف بن نخيتعرض أعضاء هيئة التدريس بالتعليم التطبيقي في الأسابيع الأخيرة لحملة تشكيك في شهاداتهم العلمية ونزاهتهم الأكاديمية عبر وسائل التواصل والنشر في الفضاء الإلكتروني. وحفزت هذه الحملة، التي تبنتها بعض المواقع الإلكترونية، أسئلة برلمانية في ذات الشأن، ثم في يوم الاثنين من الاسبوع الماضي، نشرت الصحف تصريحاً لوزير التربية وزير التعليم العالي جاء فيه أنه «أعطى تعليماته إلى مدير التطبيقي بضرورة حصر أسماء الأساتذة الذين لم يقدموا مشاريعهم، والتحقق من جامعاتهم حول هذه المشاريع وشهاداتهم التي قدموها إلى الهيئة». فسارعت رابطة أعضاء هيئة التدريس بالتطبيقي إلى استنكار هذا التصريح واعتبرته نوعاً من «التعامل الخارج عن المهنية والموضوعية» بسبب تفاعل الوزير مع الإشاعات التي تفتقر للدليل والبرهان.لاشك بأن تبني الرابطة لهذه الدرجة من الوضوح والصراحة، في خطابها مع الوزير، أمر إيجابي يسجل لصالحها، ولكنني في ذات الوقت أختلف معها في قراءتها للواقع وفي تقييمها لدرجة الضرر الذي لحق بسمعة ومكانة أكاديميي التطبيقي لدى المجتمع وأبنائه طلبة كليات التعليم التطبيقي.لا استبعد اليوم أن يكون من بين الطلبة من لا يعتبر معلمه في الكلية قدوة حسنة له في الأخلاقيات والسلوكيات المهنية، وان لم تتوفر الأدلة بعد على إدانة أستاذه، «فالعيار اللي ما يصيب يدوش». لذلك أناشد الرابطة الدخول كطرف شريك مع الهيئة والوزارة في مشروع متكامل لاستعادة الصورة الأكاديمية الطبيعية لأعضائها في الكلية والمجتمع. كما أطالب الجهات المعنية بالتصدي للشهادات المزورة القيام بدورها الذي طال انتظاره لعقود من الزمن.مواجهة إشاعات في شأن الشهادات الكرتونية في المؤسسات التعليمية ضرورة تحتمها متطلبات جودة التعليم التي تستوجب أن يكون الاستاذ قدوة مباشرة وغير مباشرة لطلابه من خلال سلوكياته ومواقفه وآرائه وسمعته. هناك أهداف تربوية، كأخلاقيات المهنة، لا يمكن إكسابها للطلاب إلا من خلال نماذج معايشة، وشخصياً أرى بأن هذه الجزئية أولى من الحاجة لمحاسبة حملة الشهادات الوهمية بسبب افتقارهم للكفايات والمهارات المطلوبة في المهام الأكاديمية غير التدريسية.هناك مؤشرات تنذر بأن الجهود المعلنة حتى اليوم لكشف ومحاسبة أصحاب الشهادات الكرتونية، سوف تنتهي بإضفاء حصانة قانونية لحملة تلك الشهادات، والسوابق على ما أتخوف منه كثيرة ولكن قد تكون أشهرها قضايا سرقات المال العام التي حفظت لعدم كفاية الأدلة أو أبطلت لأخطاء إجرائية، والهاجس أيضا مبرر بشواهد متعددة على التخبط في معالجة الأزمة الأكاديمية، ومنها ما ورد في تصريح رئيس اللجنة الفنية في الرابطة الاستاذ رعد الصالح، الذي أشار إلى «أن قضية شهادات أعضاء هيئة التدريس التي أثيرت أخيراً تم خلطها بشكل غير مقبول. وأن أربعة أمور منفصلة عن بعضها البعض تم خلطها في موضوع واحد على الرغم من أن كل منها منفصل عن الآخر سواء في مسبباته أو طريقة حله».الموضوع الأول هو قضية عدم تسليم البعض رسالة الماجستير أو الدكتوراه، والثاني في شأن أعضاء هيئة التدريس المتخرجون من جامعات غير معتمدة لدى الهيئة، والثالث خاص بمن حصل على الماجستير أو الدكتوراه وهو على رأس عمله، والرابع مرتبط بالشهادات المزورة. وقد عرض الصالح مقترحات مبدئية للتعاطي مع كل موضوع على حدة.حملات الإصلاح يجب أن يخطط لها باحتراف قبل الإعلان عنها، وإلا فقوى الفساد الحكومية والإفساد التشريعية ستقف لها بالمرصاد لتشوهها إن فشلت في وأدها. مشروع مكافحة الشهادات الكرتونية في الهيئة يفتقد لأبجديات نجاحه لأنه لا يتضمن تعريفاً محدداً لمفهوم الشهادات الكرتونية، ولا يشتمل على قيم استراتيجية معلنة، وغير مقترن بخطة تنفيذية متكاملة قابلة للتحقيق. الوزارة والهيئة يجب أن تعتبرا الكادر التدريسي ورابطته شركائهما في الحملة، التي يفترض أن تسير وفق القوانين واللوائح المنظمة، ويتوقع أن تحتاج لدعم لائحي من خلال تطوير اللوائح السارية واستحداث لائحة جديدة تُعنى بالشهادات الأكاديمية. والأهم من كل ما سبق، أن يقر هذا المشروع من قبل «السلطة العليا المهيمنة» على التعليم التطبيقي، ألا وهي مجلس إدارتها.