كتاب أكاديميا

عبدالله الصفران يكتب: كرونا بين القوة القاهرة والظروف الطارئه

ليس هناك شك في أن تفشي كورونا أضر بالاقتصاد محلياً و عالمياً ، فقد بادرت الحكومات على اتخاذ قرارات حكيمة في التدابير الاحترازية للوقاية من هذا الفايروس (كوفيد – 19)،والحد من انتشاره، فنجد فرض حظر التجول الجزئي و الكلي و اغلاق للمحلات التجارية ولما كان لهذه الإجراءات آثار اقتصادية سببتها هذه الظروف الاستثنائية محدثه تأثيرًا سلبيًا على سير العمل في العديد من القطاعات، فيبقى التساؤل ما هي الآثار القانونية المترتبة على ذلك ، وهل يعد كورونا من قبيل الظروف الطارئة أم القوة القاهرة؟

١- لا يخفى على احد ان تنفيذ الالتزامات العقدية واجب في ذمة طرفي العقد عملاً لمبدأ سلطان الإرادة ، و الحقيقة أن مبدأ سلطان الإرادة يمثل المبدأ الأساسي الذي يتفرع منه مبدأ القوة الملزمة للعقد ، فمن المعروف أن العقد الذي يرتضيه اطرافه قوة تلزمهم ، فهو شريعة المتعاقدين و الأساس الذي يحكم علاقتهم و هذا ماعبر عنه القانون المدني الكويتي رقم ٦٧ لسنه ١٩٨٠ حيث نصت المادة ١٩٦ (( العقد شريعة المتعاقدين ، فلا يجوز لأحدهما ان يستغل بنقضه أو تعديل أحكامة ، إلا في حدود مايسمح به الإتفاق أو يقض القانون بغيره )) وهنا نجد بأنه لايجوز لأحد المتعاقدين اعفاء نفسه من التزام ترتب في ذمتة إلا بنص بالقانون أو بأتفاق الطرفين ، إلا أن القوة القاهرة المنصوص عليها في المادة ٢٩٣ من القانون المدني الكويتي والتي نصت على (( عند تعذر تنفيذ الالتزام عيناً ، أو التأخير فيه ، يجب على المدين تعويض الضرر الذي لحق الدائن بسبب ذلك مالم يثبت المدين أن عدم التنفيذ أو التأخير كان بسبب أجنبي لايد له فيه )) فهنا نجد عبارة السبب الأجنبي الذي يعفي من تنفيذ الألتزام يُعتبر قوة قاهرة

٢- فمن هنا كانت القوة القاهرة أحد حالات السبب الأجنبي الذي يحول بين تنفيذه من قبل أحد طرفي العقد ، و هذه الحالة قد تجعل تنفيذ الألتزام مستحيل ، أو يكون تنفيذ الالتزام ليس مستحيل ولكن فيه ارهاق للمدين ويتسبب له بخسارة فادحة فيطر الى تطبيق نظرية الظروف الطارئة حيث نص القانون المدني الكويتي في المادة ١٩٨ على أن (( إذا طرأت بعد العقد وقبل تمام تنفيذه ظروف استثنائية عامة لم يكون في الوسع توقعها عند إبرامه وترتب على حدوثها أن تنفيذ الإلتزام الناشئ عنه ، و أن لم يصبح مستحيل صار مرهقاً للمدين ، بحيث يهدد بخسارة فادحة ، جاز للقاضي بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الإلتزام المرهق الى الحد المعقول ، بأن يضيق من مداه أو يزيد في مقابلة ، ويقع باطل كل اتفاق على خلاف ذلك ))

٣- فنجد هنا ان القانون الكويتي تبنى النظرية إلا اعادة التوازن في العقد من الناحية الاقتصادية بما يؤدي بدورة إلى تحقيق العدالة ويشترط لتطبيق هذه النظرية أن يكون العقد من العقود الزمنية ( العقود المستمرة التنفيذ – دورية التنفيذ – العقود الفورية المؤجلة التنفيذ ) ويشترط أن يكون الأمر الذي تسبب للجوء إلى الظروف الطارئه حوادث إستثنائية تشمل عامة المجتمع ولا تقتصر على المدين نفسه و أن لا يكون هذه الظرف الطارئ متوقع عند الشروع بإبرام العقد ، كذلك ضرورة أن لا يكون بإستطاعة المدين تلافي هذه الظرف ودفع ذلك الحادث وينظر هنا وفق معيار موضوعي الا و هو معيار الشخص المعتاد ، وهذا الإلتزام لايشترط فيه أن يكون التنفيذ مستحيل لتطبيق نظرية الظروف الطارئه بل يكفي ذلك ان يكون تنفيذ الإلتزام فيه يسبب ارهاقاً للمدين و الارهاق هنا يقاس بمعيار موضوعي أيضاً ، ويكون للقاضي عندها تعديل الإلتزام بما ينجم مع تحقيق العدالة بين طرفي ، وهنا نقول أن تعذر التنفيذ كونه مستحيل التنفيذ فيصار تبويبة ضمن القوة القاهرة التي تفرض نفسها على أحد طرفي العقد فتحول دون تنفيذ الإلتزام ، و اذا كان الإلتزام ليس مستحيل التنفيذ ولكن مرهقاً للمدين فيصار الى تطبيق نظرية الظروف الطارئه و هي من النظام العام اي لا يجوز الاتفاق على استبعاد تطبيقها
متى توافرت شروطها ، ويقع ذلك الإتفاق باطل بطلان مطلق ، فإن اللجوء الى هذه النظرية يكون كحل للمنازعات العقدية عند تحقق شروطها .

المحامي : عبدالله الصفران

займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock