شهد البياع تكتب: كوبٌ ساخن ونار وحطب
“أجمل ما في الشتاء ذلك السكون التام وكأن العالم يعيش في سبات أتأمل الشارع من نافذتي إنه خالٍ وكأن الجميع نيام، ما أجمل هذا السكون وهذا الهدوء“،،،
في غرفة المعيشة أجلس على الأرضِ مستقيمة الظهر بيدي كوب الشاي الاخضر المفضل لدي، ذلك الكوب الكبير الذي ابتعته منذ سنتين و نصف السنة، ذلك الكوب الذي أغلق بيدي حوله فا يمتص كل ما اشعر به من ضيق و حزن وسط البرد القارص و الهدوء المريب في الشارع الذي اقتن فيه!
أجلس على سجادتي السوداء، نصف وجهي الايسر يقابل النار و الحطب الملتهب، و نصف وجهي الايمن يتجمد من برودة الجو الحالي، برودة منتصف يناير التي تُنعش أكثر الذكريات ألماً و حزناً داخلنا، تلك البرودة التي تنبهك بِأنك في وم من الايام و في سنة من السنوات فقدتَ شخصاً أو فقدت ذاتُك!!
تلك البرودة التي ترسل رسائل عصبية عنيفة إلى دماغك لينتج عنها دافعٌ داخلي و مُلِح للحاجة إلى ذلك الكوب الساخن الذي سيخدرك تماماً بعد الإنتهاء من آخر رشفة منه، ذلك الكوب الذي ستحتسيه بكل هدوء و برودة أعصاب تشبه برودة يناير،،
ذلك الكوب الذي تحتويه بين أصابعك المتجمدة و أنت جالس أمام الحطب الملتهب ولن تبالِ بالطفح الجلدي الذي سيصيب وجهك نتيجة جلوسك المباشر أمام سخونة الحطب،،
ستتغير حرارة جسدك بتغير مشاعرك المتقلبة، فعند الحزن و الألم ستشعر بوخزات باردة تسير في عروق جسدك، و عند الفرح سيشتعل جسدك بحرارة السعادة و الشوق و الحب،،
كم أتمنى أن يظل جسدي و جسدك مشتعلين ولا نحترق أبدا، بل باشتعالنا نُنير القلوب المكفئة و نُذيب الجليد المتراكم عليها، نحاول بلمسة منا أن نُجريَّ الدمَ المتجمد داخلها فتصيبها عدوةُ الدفء و الحرارة فا تحيا و تنتعش و تُزهر من جديد..