أ. فاطمة بوخضور تكتب :البقاء لمواكبة التغيير… التعامل مع المعتاد الجديد
قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ آل عمران: 140. ان سنة التغيير في الكون هي سنة إلاهية نشهدها كل يوم مع إنقشاع الظلام و بزوغ الفجر، وقد نص القراءن الكريم على تأكيد هذه المعاني في الآية 29 من سورة لقمان: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾. فالانسان مجبل على التأقلم مع متغيرات الحياة، حيث أنه لاوجود لثبات الحال في حياتنا كما يقول الحكماء “دوام الحال من المحال”.
و في كتاب التعريفات للجرجاني وضح الدلالة المعجميَّة اللغوية للفظ التغيير على أصليْن، هما: إحْداث شيءٍ لم يكُن قَبْلَه و انتِقال الشيءِ من حالةٍ إلى حالة أخرى. فالتغيير هو أستبدال كل شئ بأشياء أخري و قد يكون هذا التغيير الي الأفضل أو قد يكون الي الأسوء، والتغيير أحياناً يكون مطلوب بل قد يكون مفروض لمواكبة الحياة.
ان مانشهده اليوم منذ ظهور جائحة الفايروس التاجي أو ما يسمى بفايروس كورونا هو تجسيد لمعنى فرض التغيير و الحاجة الى التكيف و التأقلم لاستمرار الحياة: حيث انعكس ذلك على كل مظاهر الحياة و أصبح لدينا اليوم عرف جديد لما يمكن أن نسميه الوضع المعتاد او ما يسمى باللغة الإنجليزية ب (The New Normal) فقد أصبح الخروج بالقفاز و الكمام أمر طبيعي و خلافه شي غير مقبول، و اصبحت الحياة الاجتماعية أقل نشاطا و التباعد الاجتماعي أمر محمود على عكس ما قد كان سالفا، و الخروج فقط للضرورة و ليس للترفيه كما كان معتادا بيننا، و التعليم الالكتروني هو الأساس لتقديم الخدمات التعليمية في كافة المستويات العلمية.
و المؤسسات الناجحة هي من تقوم باستشراف المستقبل و الاستعداد لما قد يحدث و وضع خطط بديلة لسناريوهات مختلفة لتكون أكثر فاعلية للتعامل مع التغيير و ليس الانتظار للوقت الحرج وساعة الصفر و الاضطرار لأخذ ردود فعل عشوائية قد تكون ناجحة لو حالفها الحظ و لكن بالتأكيد مكلفة و ليست فعالة كما لو كانت مستعدة سابقا لذلك. و مفهوم إدارة التغيير شيء ليس بجديد في علم الإدارة بل أنه يدرس في كافة التخصصات الإدارية لما له من أهمية لبقاء المؤسسات، و لكن هل فعلا يطبق بشكل صحيح او على الأقل جزئي! ان الاستعداد للتغيير مسبقا يوفر الكثير من المال و الجهد و يصنع بيئة عمل منتجة و ناجحة و قادرة على البقاء في عصر المنافسة و السرعة.
و هذا ما يقودنا اليوم الى الحاجة للتأقلم، بل التأقلم السريع لمواكبة التغير في طبيعة حياتنا. و الانسان قادر على هذا بما أنعم الله عليه من قدرات و إمكانيات جعلته أكثر المخلوقات مرونه و قدرة على التكيف مع أي وضع جديد يفرض عليه. و نحن كمسلمين نؤمن ايمانا راسخا بأن أي الأمور التي يقدرها الله لنا هي خير كما ذكر في الحديث الشريف عن صهيب قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:” عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ “. رواهُ مُسْلِمٌ. فالحمد لله دائما و أبدا.
بقلم: أ. فاطمة حجاج بوخضور