جامعة الكويت

الجيران مفنداً الطعن ضد قانون منع الاختلاط: زيادة النفقات ليست دليلاً لعدم الدستورية

 

رد النائب الدكتور عبد الرحمن الجيران على طعن قدمه أحد المحامين ضد قانون منع الاختلاط مبينا أنه لا يجوز الاحتجاج بزيادة النفقات كدليل لعدم الدستورية، وقال الجيران في بيان صحافي له في هذا الشأن:

أولا: نص المادة الثانية من الدستور يلزم المشرع بالرجوع الى أحكام الشريعة الاسلامية لاستنباط الأحكام القانونية كلما هم بالتشريع، وذلك يستلزم ان تتسم كافة التشريعات بالطابع الاسلامي، فمادام هناك حكم في الشريعة فلا يصار الى غيره، وأما حالة عدم تنظيم الشرع لمسألة ما، جاز البحث والاجتهاد بشرط عدم مخالفة المبادئ التي تحكم الشريعة الاسلامية، والآداب والذوق العام.

ولكننا نجد في المقابل المدعي قلب القواعد الدستورية رأساً على عقب، فالمواد الدستورية التي أشار لها في صحيفة الطعن وهي(4،3،2،1) حجة عليه وليست له وهي كافية بمنطوقها ومفهومها للحكم بعدم دستورية قانون أجازه الاختلاط وليس منعه، ولا يستقيم الفهم والاستنباط الذي توصل اليه مع النتيجة التي انتهى اليها 

وجاء في المذكرة التفسيرية المفهوم الصحيح للحريات والضمانات الدستورية لها، حيث نصت على رقابة الرأي العام التي لا شك في ان الحكم الديمقراطي يأخذ بيدها ويوفر مقاوماتها وضماناتها، ويجعل منها مع الزمن العمود الفقري في زمن شعبية الحكم.

وهذه المقاومات والضمانات في مجموعها في التي تفيء على المواطنين بحبوحة من الحرية السياسية، فتكفل لهم – الى جانب حق الانتخاب السياسي – مختلف مقاومات الحرية الشخصية (في المواد 30،31،32،33،34 من الدستور).

وحرية العقيدة (المادة 35)، وحرية الرأي (المادة 36) وحرية الصحافة والطباعة والنشر (المادة 37)، وحرية المراسلة (المادة 39)، وحرية تكوين الجمعيات العامة والمواكب والتجمعات (المادة 44)، وحق تقديم العرائض الى السلطات العامة (المادة 45).

وفي جو مليء بهذه الحريات ينمو حتما الوعي السياسي ويقوي الرأي العام، وبغير هذه الضمانات والحريات السياسية، تنطوي النفوس على تذمر لا وسيلة دستورية لمعالجته، وتكتم الصدور آلاما لا متنفس لها بالطرق السليمة، فتكون القلاقل، ويكون الاضطراب في حياة الدولة، وهو ما اشتهر به النظام الرياسي في بعض دول أمريكا اللاتينية، وما حرص الدستور على تجنبه وتجنب الكويت أسبابه.

ثانياً: أما الاستدلال بالمادة 7 والتي تنص على أن (العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع….) فليس فيها بخس لحرية وكرامة المرأة أو نقص لحقوقها، حيث إن من المستقر في مواد الدستور انه أعطى المرأة مكانتها اللائقة بها في الشريعة الاسلامية، ولم يعتبر نقصاً لها عن الرجل ولا امتهاناُ لكرامتها، وذلك مفهوم من قوله تعالى في الميراث {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} النساء:176، وقوله تعالى في التكاليف الشرعية {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ۗ انَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} النساء 32.

قالت ام سلمة رضى الله عنها (يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُو، وَانَّمَا لَنَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} النساء آية 32.

ومن مثل قوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَانْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ انَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} النساء 34، وقوله تعالى {وليس الذكر كالأنثى} فهذه النصوص أعطت المرأة مكانها اللائق بها كونها امرأة كما أنها أعطت الرجل حقه اللائق به كونه رجل، وجاءت مواد الدستور لتكفل هذه الحقوق وتؤكدها فتجد مثلاً قانون العمل لا يساوي بين المرأة والرجل في نظام الاجازات والوضع والأمومة.

وكما ان هذا الأمر أقرته الشريعة كذلك العالم الغربي أطبقوا على هذه الحقيقة ان المرأة ليست كالرجل الا من حيث القوة والأمن، حيث التدبير ولا من حيث الاستقرار الفسيولوجي، حيث جعلوا للرجال رياضة خاصة بينهم وللنساء رياضة خاصة بينهم لانتفاء التساوي حتى في ميدان الرياضة.

ثالثا: وأما الاستدلال بالمادة 14 التي تنص على ان الدولة تراعي العلوم والآداب… والمادة 13 وتنص على (أن التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع وتكفله الدولة وترعاه) والمادة 17 والتي تنص على (أن للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن) والمادة 39 والتي تنص على (أن الناس سواسية في الكرامة الانسانية) والمادة 40 والتي تنص على (أن التعليم حق للكويتيين وتكفله الدولة)

فما علاقة هذه المواد في فصل الذكور عن الاناث في التعليم ؟

واذا نظرنا في نطاق هذه المواد الدستورية وواقعها العملي نجده بعيد عما جاء في صيغة الطعن فضلاً عن الاعتساف في اثبات تحقق الضرر الشخصي جراء تطبيق مبدأ الفصل في التعليم.

وأما ما جاء في أوجه الطعن بعدم دستورية بعض المواد، حيث جاء بثنايا الطعن القول:- (وان أحكام الشريعة الاسلامية لا تكون لها قوة الزام القواعد القانونية الا اذا تدخل المشرع وقننها وليس لها قوة النفاذ الذاتي والمباشر وانما يتعين ان يتم افراغها في نصوص تشريعية محددة ومضمون تشريعي محدد يمكن ان يلتزم تبه كل من الخاطين باحكامه والقائمين على تنفيذه ولا يتسنى تبعا لذلك مساواتها في الحكم بالنصوص الموضوعية) والتعليق على هذا الكلام أقول إن الواقع العملي لحياة الانسان المسلم هو الاستسلام لشريعة الله دون النظر الى افراغها بقواعد قانونية، وهذا ما استقر عليه عمل المسلمين قرابة 14 قرناً من الزمان، حيث لا توجد نصوص تشريعية قانونية تلزم المؤمن بأداء الصلاة اذا ما دخل وقت الصلاة، ولا توجد نصوص تأمره بالصيام اذا ما دخل شهر الصيام، ولا توجد نصوص تأمره بأداء الزكاة اذا ما حلّ وقت الزكاة، ولا الحج ولا بر الوالدين ولا الاحسان الى الجار ولا العطف على الفقير ولا الجهاد في سبيل الله…الخ، فمن أتى بهذا الفهم السقيم وأراد به ايقاع الحرج على المسلمين جميعاً بعدم الزامهم بالواجبات طالما انه لا يوجد قانون يأمر بذلك ؟ وهل نعطل أحكام الشريعة انتظاراً لهذا وأمثاله أن يتفضلوا علينا بسن القوانين ؟ حتى يعلمونا ديننا؟ أقول سبحانك هذا بهتان عظيم.

رابعاً: واما الاستدلال باستحالة تطبيق قانون الفصل بالتعليم وانه فيه (مبدأ الاخلال بتكافؤ الفرص بحرمان الطلاب والطالبات الدارسين من الالتحاق بالشعب الدراسية المختلفة بادعاء منع الاختلاط وبأنها مخصصة للدارسين من الطلاب وتارة أخرى لكونها مخصصة للدارسات من الطالبات، وهو الأمر الذي ترتب عليه حرمان جموع الطلبة بصفة عامة ومنهم الطاعنون بصفة خاصة من الالتحاق بالدراسة في بعض المواد، فأقول إن الشعب المغلقة هذه مشكلة قديمة، قبل صدور قانون منع الاختلاط وأسبابها الموضوعية ليست مبدأ الفصل في التعليم فهي موجودة مع وجود التعليم المختلط منذ انشاء الجامعة؟ وحلها الموضوعي يتمثل فيما يلي:-

-1 الاسراع في انجاز جامعة الشدادية.

-2 تعيين الدكاترة الكويتيين ممن تنطبق عليهم الشروط والبعد بالتعليم عن المحاصصات والحسابات السياسية.

-3 توجيه الطلبة الى استغلال ساعات الدراسة فترة ما بعد الظهر الى الساعة الثامنة مساءً، حيث يعمل بهذا النظام كبرى الجامعات العالمية بل بعضها يمتد الى العاشرة ليلاً، فنجد المكتبات تغض بالطلبة والمختبرات العلمية كخلية النحل من كثرة تردد الدارسين والباحثين عليها، فأين هذا من واقع التعليم في الكويت؟ كما ان الضرر المزعوم منتقي اليوم حيث التعليم المفتوح وامكانية اخذ المادة العلمية من اي جامعة أخرى لاستغلال الوقت والاستفادة من قصر مدة التخرج.

كما أن جهود عمادة التسجيل مشكوره في مجال الشُعب المغلقة، حيث لا يكون هذا الا في المستوى الرابع الجامعي وله أكثر من حل عملي ولله الحمد فأين الضرر الواقع؟

خامساً: اما الاستدلال بان قانون منع الاختلاط (خالف ما استقر في قضاء المحكمة الدستورية، حيث قضت في حكمها الصادر في أول مايو سنة 2006 من ان المشرع فيما يسنه من قوانين تنظيماً للحقوق والحريات المنصوص عليها يجب الا يجاوز الحدود والضوابط التي فرضتها هذه النصوص أو ينال من أصل الحق أو يحد من ممارسته او يحيد عن الغاية من تنظيمة على الوجه الذي ينقص من الحق او ينتقص منه) هذا الفهم سليم على اطلاقه هكذا، حيث وجدنا ان حالة الضرورة تستلزم فرض القانون والالزام به حتى لا يخرج الناس عن الذوق العام أو يخلوا بالأمن العام 

وهذا ما حصل في تنظيم حق الانتخاب بمرسوم الصوت الواحد في مجلس الأمة، ووجدنا الفرق الكبير بين الماضي والحاضر، حيث الاستقرار وسيادة القانون وتلاشي الفوضى وكذلك الحال بالنسبة لقانون الاعلام المرئي والمسموع والمطبوعات والنشر والاعلام الالكتروني كل ذلك يصب في خانة استقرار المجتمع ودفع استصحاب ادبيات ثورات الربيع العربي التي انساقت وراء المظاهر والشعارات، وكانت نتيجتها المعروفة اليوم سيادة الفوضى وتنافر القلوب وذهاب هيبة الدولة والقانون.

سادساً: راما الاستدلال بان قانون منع الاختلاط فيه (افتراض مخالفة فئة من المجتمع وهم الطلبة الخاضعون لأحكام القانون المطعون عليه لأحكام الشريعة الاسلامية وللمبادئ العامة للقيم الاسلامية… فضلاً عن قصد المشرع تطبيق أحكام القانون في الهيئات التعليمية الحكومية بوزارة التعليم العالي دون سواها من وزارات وهيئات الدولة والمجتمع بصفة عامة بما يؤكد على الغموض والقصور في التشريع والانحراف التشريعي.

فأقول هذا الفهم ينبو عن مقصود واضع قانون منع الاختلاط وفيه تزيد وتعسف بالصاق هذا في التعليم تقتضين مستلزمات التربية الاجتماعية وخاصة للشابه في سن المراهقة، حيث يكون أكثر عرضه للانحراف بوجود التحولات الجسدية وعلم النمو وهذا ما اكدته دراسات وتجارب علماء التربية والاجتماع، بأن هذه الفترة تحتاج الى رعاية وتعاهد في التربية وتوجيه سليم حتى يتجاوز هذه المرحلة، وهذا مقصد نبيل في التربية، وهو المعنى الذي نلاحظه من اسم الوزارة (وزارة التربية والتعليم) فالتربية تكون قبل التعليم.

وختاماً لا يجوز الاحتجاج بزيادة النفقات كدليل لعدم الدستورية، فالاسراف يمكن ضبطه بحسن الصرف وما ابخس تكلم التكلفة اذا كان ما يقابلها صون الأخلاق والوقاية من الفتن، ولنا في ما يعاني منه الغرب من ماسي الاختلاط أحسن العبر. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock