الشخصية الوطنية والنهضة الحقيقية | الشيخة حصة الحمود السالم الصباح
كعادتنا في دول الخليج العربي ونحن نحتفل بأعيادنا الوطنية وما يعبر ويعزز هويتنا الخليجية كجسد واحد وروح واحدة نحتفل هذه الأيام مع الشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة بالذكرى الخامسة والأربعين لتأسيسها كدولة فيدرالية متحدة من سبع إمارات ، هذا الإتحاد المبارك والذى تم بفضل الله أولا ثم جهود الوالد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبوظبى وبالإتفاق مع الوالد الراحل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم إمارة دبي وكلاهما تواصلا مع إخوانهما حكام باقى الإمارات الخمس للإتحاد فى كيان فيدرالى واحد وذلك عقب إعلان الحكومة البريطانية إخلاء مستعمراتها فى شرق المتوسط بنهاية عام 1971 ، لتبدأ دولة الإمارات العربية المتحدة عهدا جديدا قويا مستقرا بكتابة دستور موحد حيث كان لهذا الإتحاد الأثر الكبير فيما حققته لاحقا من معجزة النهضة الحقيقية والتى تمثلت قبل كل شئ فى بناء الشخصية الوطنية داخل كل فرد فى أبناء الشعب وكذلك فى الإنفتاح على العالم والحضارات والثقافات المختلفة حتى أصبحت قبلة الإستثمار والسياحة وكافة الأنشطة الإقتصادية والتى يصعب حصرها فى مقال وأصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا وقدوة للمجتمعات العربية والاسلامية فى مواكبة التطورات والمتغيرات فى الحداثة والتحديث دون المساس بالهوية الدينية و الوطنية والثقافية .
يجب أن نخضع للحق والواقع والمنطق ونعترف أن الإمارات وصلت لمرحلة عظيمة من الإبداع فى التخطيط والإنجاز و الإبتكار لأنهم على قلب رجل واحد ، أصبح المواطن يفكر بعقلية ماذا سأقدم لوطنى وليس كم سأحقق من مكاسب فردية لنفسى ؟! ، أصبح الجميع هناك يتنافس فى مناخ حر حقيقى يحترم ويقدس الحريات الحقيقية والحقوق ويفرق بينهم وبين الواجبات ، لذلك نجد أن الإمارات لا مكان فيها لدعاة التطرف والمذهبية ولا تجد إماراتى واحد فى التنظيمات الإرهابية التى تعيث فسادا فى بلادنا العربية والإسلامية ، لأنهم مشغولون حقا بوطنهم و ما يمكنهم تحقيقه ليستمر فى رفعته وتقدمه .
والشئ بالشئ يذكر فإن هذه المناسبة ليست هى الوحيدة التى نحتفل بها مع أشقائنا الإماراتيين ولكن هناك أيضا مناسبة لا تقل فى الأهمية عنها وهى الإحتفال بيوم الشهيد والذى يوافق 30 نوفمبر من كل عام وهو التاريخ الذى استشهد فيه الضابط سالم بن سهيل خميس وهو يدافع عن جزيرة طنب الكبرى ضد الإحتلال الإيرانى للجزر الثلاث وفى هذا اليوم أيضا يتم تكريم أسرة كل شهيد من شهداء الواجب فى حرب تحرير دولتنا الكويت الحبيبة وكذلك أيضاً فى عاصفة الحزم لإستعادة الشرعية فى اليمن ، لذلك يمكن القول أن الإحتفال بيوم الشهيد ويوم الإتحاد وجهان لعملة واحدة وهى حب الوطن ووجوب التحالف الخليجى ضد أى عدوان يهدد أمن وسلامة وإستقرار المنطقة .
الحديث عن دولة الإمارات ونحن نحتفل بيومها الوطنى ويوم الشهيد لا ينتهى ولن نستطيع حصر ولو جزء يسير من حقها ، و كما تعودنا على الإنصاف وقول الحق الذى لا تخطؤه العين فإن الإمارات كدولة وكيان متكامل أصبحت قدوة ومثل لمن يريد أن يشتبك مع مشاكله لا أن يكتفى بالدوران حولها . وأخيراً
نبارك ونهنئ أنفسنا باليوم الوطنى للشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة والذكرى الخامسة والأربعين للإتحاد والتأسيس ورحم الله والدنا العزيز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وإخوانهم الذين إستجابوا سريعا لهذا الإتحاد المبارك وبارك الله فى قادتنا وحكامنا الحاليين والذين هم على نهج الآباء والأجداد لرفعة وتقدم وعون شعوب منطقة الخليج والأمة العربية والإسلامية .. وكل عام وأنتم بخير .