رابحه الرشيدي تكتب اللاترادف في القرآن الكريم
*(اللاترادف في القرآن الكريم.)
كثرت الدراسات اللغوية حول المترادفات خاصة في القرآن الكريم لكن اللامترادفات قليل البحث فيها
وقد وجدنا دراسة تخصصية هادفة في القرآن الكريم للأستاذ
(حازم أحمد فضالة)
حيث تبيّن الدراسة الفرق بين كلمتَي: دم ودماء، لذلك تمَّ بحثها قرآنياً.
وقد ذهبنا إلى الاستعمال القرآني، وبعد البحث في السُّوَرِ المباركات والآياتِ الكريمات… وجدنا الاستعمال القرآني استعمالاً دقيقاً، على وفق الآتي:
١- كلمة (دم)
يستعملها القرآن الكريم في الموارد:
أولًا: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ… ﴾
[المائدة: 3]ثانيًا: ﴿قُل لَّآ أَجِدُ فِى مَآ أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍۢ يَطْعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا… ﴾
[الأنعام: 145]ثالثًا: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ… ﴾
[الأعراف: 133].رابعًا: ﴿وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٍۢ كَذِبٍۢ… ﴾
[يوسف: 18].· عدد مرات ذِكْر الكلمة:
ذُكِرَت الكلمة على هذه الصورة سبع مرات، أي ذُكِرَت كذلك في السُّوَر: [البقرة: 173], [النَّحل: 66], [النَّحل: 115].
· بيان الاستعمال القرآني:
أ- استعمال صياغة كلمة (دم) يختصها القرآن الكريم للحيوانات وليس للإنسان.
ب- يستعمل كلمة (دم) في موارد التحريم مع الحيوانات المحرمة؛ دلالة على ارتباط الكلمة بالتحريم.
ج- استعمل صورة وتعريف المحرَّم من الدم، وهو (الدم المسفوح)، وهذا الدم يشمل الحيوانات غير المحرمة مثل الأنعام، والمقصود به الدم الذي يخرج من الحيوان في أثناء ذبحه حتى ينفد؛ لذلك أسماه (المسفوح).
٢- كلمة (دماء)
يستعملها القرآن الكريم في الموارد:
أولاً: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ… ﴾
[البقرة: 30].ثانياً: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ… ﴾
[البقرة: 84].ثالثاً: ﴿لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ… ﴾
[الحج: 37].· عدد مرات ذِكْر الكلمة:
ذُكِرَت الكلمة على هذه الصورة ثلاث مرات، وهي التي ذكرناها في أعلاه.
· بيان الاستعمال القرآني:
أ- لا يستعمل القرآنُ مع الإنسان ألا كلمة (دماء).
ب- الملازمة بين (دماء الإنسان) واصطلاح (السَّفْك، تسفكون)، ولم يستعمل (السَّفْح، المسفوح) الذي يستعمله مع دم الحيوان، ومِنْ هنا أخذنا دلالة الاستعمال: (وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) المذكورة في سورة البقرة (آية: 30) على أنها تشير لدماء الإنسان.
ج- استعمل القرآن كلمة (دماء) في المورد: (دِمَآؤُهَا) في سورة الحج (آية: 37) ربما بسبب حِليَّة اللحوم المقصودة، والسبب الثاني الأقوى عندنا هو ربطها مع اسم لفظ الجلالة (الله)، أي: لا بد أن تكون قضية مُحلَّلة، حتى يحكي عنها سبحانه وتعالى أنَّ لحومُها ودماؤها تنال اللهَ أم لا، لأنّ (لحومُها، دماؤها) وردتا هنا بموقع الفاعل المرفوع.
· وقفة مع نبي الله يعقوب (ع):
﴿وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٍۢ كَذِبٍۢ… ﴾
[يوسف: 18].لماذا قال هنا (بدمٍ كذب) ولم يقل (بدماءٍ كاذبة)؟
الجواب:
لأنَّ النبي يعقوب (ع) كان يعلم بما فعله إخوة يوسف، فهو الذي منحهم الخطة البديلة عن قتل النبي يوسف دون أن يشعروا بذلك؛ إذ قال لهم:
﴿قَالَ إِنِّي لَيَحْزُننِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَاف أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْب وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾
لذلك، لم يكن الدم على قميص النبي يوسف (ع) دمًا بشريًا حتى يعبِّر عنه القرآن الكريم باستعماله الخاص (دماء)؛ فكان الاستعمال دقيقًا نظراً للملازمة، وهي ليست دماء النبي يوسف، لكنه كان دماً كذباً، وصِفَةُ الكذب حضرت لأنّ مادة الدم غير مادة الدماء في هذا المورد.
د/ رابحه الرشيدي
الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب
كلية التربية الأساسية / قسم اللغة العربية