عبدالرحمن الهاملي يكتب: شارعنا
ذلك الإسفلت الأسود الذي يملكه جميع أبناء حارتنا هو شارعنا، و يطلق عليه نفس المسمى لدى جميع الجيران فهو شارعهم كذلك، مع عدم الإحترام بلا شك من قبل الكل لرقم الشارع المخذول أعلى عمود الإنارة. نحن كذلك نحب التملك بكل شيء، شارعنا كأغلب الشوارع بؤساً لأنه إن استراح من مسير السيارات فلن يستريح من شغب أبناء الجيران و من بطولات كرة القدم التي تقام عليه من قبلهم و يشترك بها الجميع النحيف و البدين ومن يهتم بكرة القدم ومن لا يفقه بها، تشدني تلك المباريات التي بلا قواعد بين الأطفال وإن كانت لا تعني لمن بعمري شيء.جلست أتأمل تلك المباراة و أنا أرى بها ذلك البدين صاحب القوة و هو يلعب دور المهاجم و الحكم بنفس الوقت، وذلك المهاري الجالس أعلى الرصيف ومركزه هو حراسة أمتعة اللاعبين و بنفس الوقت يحسب عدد الأهداف التي لا يعترف بها ذلك الحكم البدين مسبقاً، لأنه مع الأسف هو صاحب الكرة كذلك فلا كلمة تعلوا كلمته “وإلا سينهي المباراة ويلعب لوحده ” ، تلك المباراة لا تتغير بها أوجه اللاعبين لأنها حكراً على أبناء شارعنا فقط، ولا يتجرأ احد من سكان الشوارع الأخرى أن ينضم لها لأنهم غير مؤهلين لذلك، و قبل كل شيء يبقى المبرر الأقوى لأنهم “ليسوا من أبناء شارعنا” وهذا المبدأ مؤسس بالتصويت من قبل المهاجم القوي البدين بنتيجة صوته لوحده لأنه هو الحكم و المهاجم و مالك الكره كذلك و هو المدرب في الوقت نفسه، فلكم حسبة عدد أصواته التي لا ينافس بها إلا نفسه.تلك المباراة كنت أحد أعضائها كبرت على اللعب في الشارع ولكن استمرت تلك القواعد لأني حينها لم أكن أعلم أنها نفس قواعد ذلك الملعب الكبير الذي نعيش فيه الان، ولو كان الجميع يعلم لأصبح ذلك البدين ملقى في أكبر قمامة على نهاية شارعنا حينها، ولكن لأننا رضينا حينها أصبح الآن ذلك البدين يمارس قوته في مركزه المرموق ويطبق قواعده التي لا تقل تفاهة عن قاعدة ” ليسوا من أبناء شارعنا ” التي أسسها، ولا يزال ذلك المهاري جالس على الرصيف إلى يومنا هذا ومهنته حث أبناء شارعنا على أن يكسروا تلك القواعد التي كسرت الجميع وأوصلت من لا يستحق.عبدالرحمن الهاملي