أ.وائل المطوع يكتب : رسالة عاجلة إلى سمو رئيس الوزراء
سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر:
إن رسالتي اليوم لسموكم الكريم أناشدكم فيها المبادرة بقيادة دفة التعليم وانقاذ التعليم الذي اصبح قريبا من مرحلة الموت الاكلينيكي وايقاف حراج التعليم الذي أرهق المؤسسات التعليمية وأضاع بوصلتها وبالانفاق على التعليم دون تردد وابعاد الساسة عن التعليم، فما يحدث الآن أمر خطير جدا يتطلب تدخل سموكم المباشر وينذر بكوارث تعليمية لا حصر لها وسيذكر التاريخ انها حصلت في عهدكم اذا لم يتم تعديل المسار على اياديكم الكريمة.
سمو الرئيس: قرأت خبرا قبل أيام بالصحف المحلية مفاده أن (التربية تبحث آلية الخروج من أزمة الدرجات)، وكعادتي أخذني الفضول لمتابعة الأخبار الخاصة بالتعليم بصفة عامة والتعليم العالي بصفة خاصة وليتني لم أقرأ الخبر.
فالأخوة الأفاضل بوزارة التربية تفاعلوا مع الخبر الصحافي الذي نشر في إحدى الصحف المحلية وحذر من تأخر ديوان الخدمة في تخصيص درجات وظيفية للكوادر البشرية التي تحتاج إليها وزارة التربية للعام الدراسي المقبل.
تخيل يا سمو الرئيس تفاعلوا مع الخبر الذي لم يكتشفوه ولكن سمعوا عنه جزاهم الله خيراً، فأي مصيبة نحن فيها؟ وعن أي تعليم نتحدث؟ واي مستقبل لأجيالنا ينتظرهم؟ في ظل سوء الادارة والتخطيط وانعدام الرؤية عند القياديين بوزارة التربية، الوزارة لم تتحرك لبحث الموضوع مع ديوان الخدمة المدنية الا بعد نشر خبر صحافي ينذر بما سيحدث!! وبعد الخبر تأتي الاتصالات الحثيثة لسرعة البت بالموضوع، للأسف انطبق المثل القائل «ان كنت لاتدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة أعظم» على وزارة التربية بكاملها وسأستثني معالي وزير التربية، لأن مهمته رسم السياسة العامة للوزارة وقيادتها، والاشراف على تطبيق خطة الدولة في النهوض بالتعليم بصورة عامة وكذلك سأستثني سعادة وكيل الوزارة الذي مهمته الاشراف على كل القطاعات وقيادة دفة الوزارة وكذلك للجهد الشخصي الذي بذله لحل هاذه الكارثة ومبادرته بتحمل المسؤولية بكل شجاعة، لكن أين الوكلاء المساعدون؟ اين الجيش العرمرم الذي يعمل بوزارة التربية؟ هل هم في سبات صيفي لا سمح الله؟ فنحن في منتصف شهر أغسطس والوزارة لم تخطط ولا تعرف كم درجة وظيفية تحتاج؟ وكم معلما ومعلمة وكم مدرسة سيتم افتتاحها هذه السنة؟ وكم درجة وظيفية سيوفرها ديوان الخدمة لها؟ وهل تكفي أم لا؟ كما أن المعلمين الخليجيين الذين يحملون تخصصات تحتاج لها الوزارة بحسب اعلانها الأخير لا يعرفون مصير أوراق تعيينهم، وهل سيتم تعيينهم أم لا؟ والوزارة لم تبلغهم بأي اجراءات منذ شهر مارس الماضي، والطامة الكبرى بالخبر أيضا أن ديوان الخدمة قد وافق لوزارة التربية على 316 درجة وظيفية فقط بينما رفض مسؤولوه خلال اجتماعهم مع وزارة التربية توفير أي درجات وظيفية أخرى مطالبين اياهم بتعيين خريجي الكليات غير التربوية في وظائف تعليمية دون الالتزام بالتخصصات والمواد العلمية للخريجين، الأمر الذي اعترض عليه مسؤولو وزارة التربية، لان التعليم يجب أن يكون من قبل أشخاص متخصصين وخريجي كليات تربوية.
سمو الرئيس: نعرف حرص سموك على التعليم وإيمانك العميق بأنه بوابة التنمية، لكن هل يعقل ان نصل لهذا المستوى؟، قياديون لا يعرفون ما يحدث في وزارتهم، ولا يعرفون عدد المدرسين والمدرسات التي تحتاج إليهم مدارسهم من كويتيين وغير كويتيين ولا التخصصات المطلوبة!!
هل من المعقول أو من المقبول عدم استيقاظ قيادات التربية الا بعد خبر صحافي؟ وكيف يسمح لمسؤولي الخدمة المدنية بالتدخل في هذا الأمر التعليمي الفني البحت؟ من يحدد عدد الدرجات الوظيفية وحاجتنا لعدد المعلمين؟ اذا كان ديوان الخدمة فهذه مصيبة فالمؤسسات التعليمية ليست وزارات ولا يجب معاملتها على هذا الأساس، فالتعليم يحتاج الى انفاق وقرار مستقل، هل نسكت لحين استفحال الأمر أكثر من ذلك؟ ومع انشاء مدارس في المناطق السكنية الجديدة.. هل وضع مسؤولو التربية خطة مستقبلية لعدد المدارس التي سيتم افتتاحها وعدد المعلمين الذين نحتاجهم لتلك المدارس؟ هل تم التنسيق مع جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب لفتح التخصصات التي ستحتاجها وزارة التربية خلال عشر السنوات المقبلة؟ حتي يتسنى لهذه المؤسسات التعليمية تخريج معلمين بتخصصات يحتاجها سوق العمل؟
سمو الرئيس: تصريحات معالي الوزير باستقدام معلمين فلسطينيين استفزازية للشعب الكويتي واصراره على هذا الموضوع امر مؤسف فهذا ليس هو الحل لاصلاح التعليم.
سمو الرئيس: هل سيتم تكويت التعليم في الكويت؟ أم هي مجرد شعارات يرفعها قياديو وزارة التربية بين الحين والآخر في محاولة لدغدغة مشاعر الكويتيين؟
إلى متى لا نسد حاجتنا من المعلمين من أبناء وبنات الكويت؟
سمو الرئيس: التاريخ لا يرحم والتعليم يحتاج إلى جرأة بالقرار والتخطيط والانفاق ببذخ وكرم دون سياسة المفاصلة والمكاسر التي تحدث حالياً، آن الأوان أن يتوقف حراج التعليم وأن تتم محاسبة المقصرين من القياديين خصوصا في وزارة التربية وفي جميع المؤسسات التعليمية، لان تقصيرهم يعني القضاء على جيل بأكمله ويعني ايضا دمار أمة بأكملها.
سمو الرئيس: إن المرحلة القادمة لا تحتمل المجاملة باختيار القياديين فيجب ان يوسد الامر الى أهله، ونظام المحاصصة الذي تتبعه الحكومة لا يبني وطنا، ويجب كذلك استبعاد المقصرين منهم وغير القادرين على القيادة وتطبيق خطة الدولة، فخطة التنمية تحتاج الى رجال دولة وقيادات متمكنة قادرة على الادارة وترجمة وتطبيق خطة الدولة للنهوض بها.
سمو الرئيس: إن ما يحدث يذكرنا أيضا بما حدث ويحدث مع الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، فادارة الهيئة تطلب مثلا 23 مليوناً فتحصل على 13 مليوناً فكيف لها أن تحقق أهدافها وكيف لها ان تنفق على التطوير والتدريب والبحث العلمي والتكاليف الباهظة للتعليم؟
للمرة الأولى في تاريخ الهيئة منذ انشائها لا تتمكن من قبول المتقدمين لها للفصل الدراسي الأول فكلية الدراسات التكنولوجية قبلت 600 طالب فقط فهل هذا يرضيكم؟ وكذلك ارتفعت معدلات عدم قبول المستجدين سواء في جامعة الكويت أو التطبيقي نظرا لعدم قدرتهما على استيعاب تلك الأعداد الكبيرة من الطلبة الخريجين، كما أن الطالب المستجد والمستمر لا يستطيع التسجيل سوى بعدد ست وحدات دراسية أو على الأكثر 9 وحدات فما السبب؟ إنه سوء التخطيط وعجز الميزانية وهذا معيب لحكومة دولة تنشد التنمية.
سمو الرئيس: ان الأرقام المخيفة في تسرب الطلبة سواء في جامعة الكويت او معاهد وكليات التطبيقي او البعثات الخارجية تتطلب وقفة جادة لمعرفة جودة مخرجات التعليم والبحث عن الأسباب وعلاجها بتعقل دون ضجيج حفاظا على ابنائنا ومستقبلهم.
مناشدتي الأخيرة يا سمو الرئيس المبادرة منك شخصيا بانشاء «الهيئة الوطنية لضمان جودة التعليم والتدريب» ووضعها تحت اشراف مباشر من سموكم فهي الطريق الأوحد لتطوير التعليم وقياس ما ينفق عليه وقياس العائد منه وقياس مستوى طلبتنا في المدراس والمعاهد والجامعات، وكل الأخبار واللجان والمعلومات المفبركة التي تصل لسموك بأن الامور «سهود ومهود» وان تعليمنا بخير وان احدى الكليات حصلت على مركز متقدم عربيا أو حصلت على شهادة الجودة من المؤسسة الفلانية أو وقعت بروتوكول تعاون مع احدى الدول، كلام ليس له أي قيمة أو فائدة، فجودة التعليم تبدأ من البلد الذي ينشد الجودة ويسعى لها ويطبقها بكل شفافية، والحل يكمن بـ«الهيئة الوطنية لضمان جودة التعليم والتدريب»، ولنا في دول الخليج الشقيقة خير مثال، فجميعها بها هيئات محترمة تراقب التعليم وتحاسب المقصرين وتعلن نتائجها بكل شفافية، والأهم ان تتبع هذه الهيئة سموك مباشرة وتكون قراراتها ممهورة بتوقيع سموك حتى تكون قراراتها نافذة ويكون لها سلطة وتستطيع ان تحاسب وان لا تتبع وازرة التربية فلا يجوز ان يراقب وزير التربية نفسه!!