سوسن إبراهيم تكتب :لن ننجو بالصلاة وحدها
لن ننجو بالصلاة وحدها
في تصريح مُثير للرئيس التنزاني جون موجوفولي: “سوف نواصل اتخاذ الاحتياطات الصحية الضرورية بما في ذلك العلاج بالبخار بينما نصلي للرب”. مُشدّدًا على أن الصلاة وسيلة للنجاة من جائحة كورونا. غير مُعترف باللقاحات والعلاجات الحديثة التي قد تُساهم بخفض نسب الحالات المصابة بالوباء أو إنقاذ أرواحا قد شارفت على الاحتضار. معتمدًا وشعبه على الصلاة وحدها للنجاة من وباء يكاد أن يُنهي العالم ويسلب أرواح الملايين.
وقد توفي الرئيس التنزاني بعد هذا التصريح بأقل من ثلاثة شهور بكورونا فلم تغن عنه صلاته!
ذكرني تصريحه الرسمي بقصة الراهب المعروفة الذي غرق قاربه في منتصف البحر فدعا الله أن ينجيه. حتى مر عليه قارب وعرض عليه المساعدة فلم يقبلها مدعيا بأن الله آتٍ لنجدته. فيغرق هذا الراهب ويتواجه مع الرب فيسأله لما لم تنقذني من الغرق؟ فيجيبه: ومن أتى بالقارب؟!
وهكذا نكون أحيانا مُسلمين ومستسلمين للأمر الواقع، ظانين بأن الصلاة وحدها تكفي لنتحرر من مشاكلنا وتحقيق أهدافنا. ولكنه الجهلُ بعينه؛ الاعتقاد بأن الدعاء والصلاة وحدهما كافيان بلا سعي وركض وراء أمور الحياة. فبالإيمان وحده لن تتحقق أحلامنا ولن تنقضي همومنا.
يقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل:
﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ – صدق الله العظيم.
التغيير لا يأتي من خلال قوى خارجية غيبيّة ولكنها الطاقة الكامنة بالإنسان تحركه ليُغيّر مجرى حياته. الله عز وجل لا يتدخل بمسار الإنسان إذا لم يتحرك هو بنفسه ليشكلها كما يريد. ولذلك فإنه كائن مُخيّر وإن كان مسيرا في أمور حياته. فالبحيرة الراكدة لا يحركها سوى الحصى الصغير.
والتوكل على الله سبحانه وتعالى هو ما علينا فعله لا التواكل الذي يفرض علينا أن ندعو بكسل وعجز وبهمم ضعيفة أن تحل معجزة ما تنقذنا أو تنتشلنا من مستنقع الخيبات أو كنزا ما نجده في غمضة عين فنغدو أثرياء.
يقول المؤلف السعودي عبدالله بن عبدالكريم السعدون في كتابه عشت سعيداً: من الدراجة إلى الطائرة:
“علينا أن نغير نظرتنا تجاه الحياة وفهمنا لها، فالتواكل مصيبة تغلغلت في ثقافتنا، وروّج لها من لا يفهم الدين على حقيقته، وكأن الرزق يأتي من التوكل فقط دون العمل، وأن الحصول عليه يأتي من الدعاء فقط، الدعاء بوصلة تشير لما هو مطلوب لكن العمل هو المركبة للوصول إلى الهدف”.
الحل دائما وأبدا بأن نعمل لنصل إلى ما نصبو إليه. مهما كان إيماننا قوي لابد بأن نُلحقه بالعمل الحثيث والصبر الجميل على تحمل وعثاء الطريق حتى وإن كان مُضنيا ومُتعبا. فالكسل خطيئة من الخطايا السبع والانتظار خطيئة أكبر؛ فهو يأكل بالنفس البشرية، يستهلك طاقة الفرد وتفكيره وجل وقته. لذا لا تفكر بالنجاح بل ابدأ بتحقيقه رغم الظروف وصروف الدهر.
لن ننجو بالصلاة وحدها ولكن مع العمل والسعي والتوكل على الله تعالى يتحقق المُراد وينقضي العناء.
سوسن إبراهيم