شوق مرزوق المطيري تكتب: العلاج المهني والإدمان
على مدى السنوات الأخيرة رصدت الدراسات وجود زيادة كبيرة في استخدام المخدرات وشرب الكحول مما أدى الى زيادة نسبه الإدمان فهو عبارة عن اضطراب سلوكي يفرض على الفرد تكرار عمل معين باستمرار لكي ينهمك بهذا النشاط بغض النظر عن العواقب الضارة بصحة الفرد أو حالاته العقلية أو حياته الاجتماعية. الادمان مرض مزمن يتفاقم عندما يتعاطى الشخص مواد من شأنها أن تكون لها طبيعة إدمانيه مثل “الكحول والكوكايين والنيكوتين“، أو فعل أي نشاط يكون ممتعًا بدرجة معينة مثل “القمار والجنس والتسوق“، حيث يصبح الإدمان سلوكًا قهريًا يتعرض فيها جسم المتعاطي لعملية بيولوجية تحدث نتيجة إفرازات معينة في الدماغ، سواء بسبب المواد المخدرة، أو بفعل سلوك يعود عليه بالمتعة واللذة، ويكون سلوكهم خارج عن السيطرة ويتسبب في مشاكل للشخص وللآخرين. انه مرض نفسي سلوكي يحتاج إلى العلاج وليس فقط العلاج الجسدي في المستشفى، أو مركز لسحب السموم، إنما يحتاج أيضا إلى إعادة تأهيل نفسي وسلوكي للوصول بالمريض إلى مرحلة التغير النفسي السلوكي الذي يحتاجه للتعافي وأن يعود فردًا منتجًا في مجتمعه دون أن يتعاطى المخدرات. هناك خصائص كثيره للإدمان منها: اللهفة والاشتياق وهي فكرة كالوسواس تظل مسيطرة على المدمن حتى يندفع في طريقه للحصول على المخدرات بأية وسيلة، الميل إلى زيادة الجرعة باستمرار للحصول على اللذة المعروفة عند المدمن وهي تسمى ظاهرة التحمل أو الاطاقة، حدوث أعراض الانسحاب عقب التوقف عن التعاطي لمدة تتراوح بين اثنتي عشرة ساعة وستة وثلاثين ساعة وهي أعراض جسيمة ونفسية، استمرار التعاطي رغم الخسائر المتفاقمة للمدمن وعائلته ومحاولات فاشلة للتوقف رغم ادعاء المدمن لرغبته في التوقف. هناك أيضا أسباب الإدمان منها: اصدقاء السوء والرغبة في التجريب والمغامرة في عالم الإدمان والمخدرات كأن يكسر لديه الملل ، رخص أسعار المخدرات كان لها دور هام مع ملاحظة أن المصروف الشخصي كان كبيرا بالإضافة إلى التدليل من اسرته والرفاهية التي يعيش فيها الشخص ،الافكار الخاطئة لدى المدمن حتى قبل إدمانه مثل يجب ان اكون سعيدا دائما انا افضل شخص أو يجب أن اكون أفضل شخص في أصحابي أو في أسرتي يجب ان اعيش الحياة بشروطي انا دماغي انا ،السلوكيات الادمانية المبكرة مثل الإفراط في اللهو والإنفاق والسهر والاحساس الزائد بالنفس النرجسية الزائفة افتقاد الدعم الأسرى والاجتماعي والروحاني ،افتقاد للقدرات الشخصية والنفسية للتعامل مع ظروف الحياة المختلفة والمشكلات الشخصية والأسرية.
ما هو العلاج المهني ودوره مع الإدمان؟
هو أحد المهن الطبية المساندة التي تقوم على أساس التقييم ومن ثم علاج مهارات الحياة اليومية للأشخاص الذين يعانون من مشاكل جسدية أو عصبية أو ادراكية او نفسية. وذلك من خلال تطوير قدراتهم واستعادتها كما كانت من قبل، أو الحفاظ عليها من التراجع والتدهور.إن اخصائي العلاج المهني مدرب تدريباً جيداً لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الإدمان على النظر في الروتين اليومي ودراسة كيفية تأثيره على حالتهم الصحية وقدرتهم على تنفيذ ما هو مهم لهم من مهام يومية. يمكن أن يساعد العلاج المهني الناس على إدراك كيف يؤثر تعاطي المخدرات او شرب الكحول على تلك الأدوار الأكثر أهمية وأيضا يساعد الاخصائي على التحرك نحو الأدوار والأنماط المهنية التي يرغب الشخص في تحقيقها. على سبيل المثال: إذا كان دور الاب او الام الأكثر أهمية بالنسبة للشخص، فقد يتعلم هو أو هي كيفية إعادة دور الاب او الام بطريقة تعزز مهارات الأبوة والأمومة ويتحسن في الوقت نفسه المهارات اللازمة للتعامل مع ضغوط الأبوة والأمومة دون الشرب او تعاطي المخدرات. يفحص اخصائي العلاج المهني عادات وسلوكيات الشخص التي تحدث يوميًا طوال الأسبوع ويوضح للشخص كيف أن سلوكياتهم وأفكارهم تدور حول المخدرات أو الكحول وكيف يفقدون هويتهم حيث يفقدون الأدوار الأكثر أهمية لهم ثم يقوم الاخصائي ببناء أو إعادة بناء تلك الأدوار المهنية من خلال تحديد الأنشطة التي تجلب للشخص الفرح والشعور بالراحة دون اللجوء الى المخدرات أو الكحول.
دور الأسرة في حماية أبنائها من الإدمان:
لا شك أن الأسرة هي المناخ الأول لتكوين شخصية الافراد ونوعية العلاقات ودرجة التماسك داخلها ولها كذلك دور كبير في تكوين أفرادها ولكن لا يجب ان يكون هذا مبررا للإدمان. فمن أشهر التبريرات المعروفة عند المدمنين واهلهم “انا ادمنت بسبب أصدقاء السوء“ ولكن لا نقتصر فقط على هذا التبرير حيث انه لا يوجد من يرغم أحد على استمراره للتعاطي. فقد يغرى أحد الاصدقاء الاخر بالتجريب ولكنه بالتأكيد لا يستطيع إجباره على الاستمرار كما لا بدَّ ان تدرك الأسرة ان ترك اولادها لأصحاب السوء خطر سيعجزون عن محاربته واخيرا يلجئون إلى مصحات علاج الادمان التي طالما شهدت فئات كثيرة كان الاهل هم السبب الحقيقي وراء ادمان ابناءهم.لا ريب أنه كلما كانت الأسرة محتويه افرادها غير طاردة لهم اي أسرة متماسكة مرنة تسمح لأفرادها بالتعبير عن أنفسهم دون خوف كان لذلك مردود طيب على افرادها ويصب في خانة الصحة النفسية لهم وعلى النقيض إذا كانت الأسرة مفككة بسبب الطلاق أو الانفصال الواقعة بين الابوين كلما كان ذلك ضاغطا على أفرادها طاردا لهم بحثا عن شلة مناسبة وانتماء آخر وكذلك الأسرة القاسية أو المحافظة تدفع ابناءها أحيانا إلى التمرد والبحث عن البديل.
الاسم: شوق مرزوق المطيري
الجهة: جامعة الكويت كلية الطب المساعد تخصص العلاج المهني.