كتاب أكاديميا

المتحف المصري الكبير… وجرس ثقافي يوقظ الذاكرة العربية | بقلم: د. خالد الهيلم الزومان

جاء افتتاح «المتحف المصري الكبير» في القاهرة كحدث استثنائي تتجاوز أهميته حدود المعروضات الأثرية. فالمشهد المهيب الذي صاحب الافتتاح، والعروض البصرية التي قدّمت تجربة فنية وتاريخية معًا، أعادا التأكيد أن الحضارة المصرية ما زالت قادرة على مخاطبة العالم بلغة المعرفة والجمال. هذا الصرح يمثّل اليوم أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة على مستوى العالم، ويضم المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون لأول مرة في موقع واحد، مع أساليب عرض حديثة تُقدّم التاريخ بطريقة تفاعلية أقرب للإنسان وزواره.

لغة جديدة لعرض التاريخ

لا يكتفي المتحف بعرض القطع الأثرية، بل يتحول إلى مركز أبحاث وتعليم ومنصة ثقافية، تعزز فهم الحضارة المصرية من خلال قراءة علمية لحياة الإنسان، وفنونه، وطقوسه، ومعتقداته. هذه الرسالة هي ما يمنح المتحف بعده العالمي، ويتجاوز به إطار السياحة إلى فضاء أوسع من المعرفة والحوار الحضاري.

مؤشرات نهضة أثرية عربية

وفي سياق أوسع، يتزامن هذا الافتتاح مع تنامي الاهتمام العربي بالمشاريع الأثرية والتنقيب العلمي، في مشهد يبعث الأمل بعودة الوعي إلى قيمة الإرث الحضاري في المنطقة. ومن جميل المصادفات أن يأتي هذا الافتتاح بالتزامن مع الإعلان عن اكتشاف أثري جديد في جزيرة فيلكا بدولة الكويت. بالطبع لا مجال للمقارنة بين حدثين يختلفان في طبيعتهما، لكنهما يشتركان في تعزيز حضور الإرث العربي، وفي تذكير القارئ بأن حضارات منطقتنا ما زالت تنبض بالحياة والاكتشاف.

فرصة للتعاون cultural

يمنح هذا الزخم فرصة حقيقية لتعزيز التعاون بين المتاحف والجامعات العربية، عبر تبادل المعارض وتنظيم البرامج التدريبية وتطوير مشاريع التوثيق الرقمي. فالإرث الثقافي حين ينتقل من المخازن إلى قاعات العرض، ومن الأوراق العلمية إلى وعي المجتمع، يصبح عنصرًا فاعلًا في الهوية والمعرفة والاقتصاد الثقافي.

ختام

افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد احتفاء بماضٍ عريق، بل استثمار في مستقبل الثقافة العربية. ومثل هذه اللحظات، إلى جانب الاكتشافات المتواصلة في مواقع عربية أخرى مثل فيلكا، تعيد كتابة الحضور الحضاري للمنطقة في ذاكرة العالم.
مبروك لمصر هذا الصرح الاستثنائي، ومبروك للكويت اكتشافها الجديد… فالتاريخ ما زال يتكلم، وما زلنا نكتشف فصوله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock