كتاب أكاديميا

ما ندري الجامعية !!! بقلم: د. عبدالله يوسف سهر

أثناء مناقشتها للاستجواب الذي قدمه النائب صالح عاشور ردت الوزيرة السابقة هند الصبيح بعبارتها الشهيرة “ما ندري” واخذت هذه العبارة تتردد في اصداء الكوميديا الصفراء لدى الكثير من الناس. وفي الحقيقة ان الوزيرة قد عبرت عن حالة تيه في مواجهة الكثير من القضايا التي تملئ المشاهد السياسية في حياتنا اليومية. فعلا، نحن لا ندري عن كثير من الاسباب التي تؤدي الى بروز ظواهر غريبة. ولعل بعض من تلك المشاهد نحن نعلم او ندري عن اسبابها ولكن الاستغفال او الاستعباط يقودنا الى ترديد عبارة ما ندري كناية عن درايتنا بها ولكننا نختار كلمة ما ندري لكي نهرب من الواقع المرير الى مساحة ضحك او اسقاط سياسي حتى لا نقع في المحضور القانوني.
هذا الهروب من التعبير الصريح عن الأسباب والمؤيدات يجعل مصطلحنا السياسي مشابهة من حيث الشكل للفلسفة ” الاأدرية”! اذا كان الفلاسفة في العصور الغابرة قد ابتكروا اللأدرية للهروب من الاجوبة الدينية او السياسية ولكي يكونوا في مأمن فكري، فأننا قد ابتكرنا اللأدرية كمنفذ للكوميديا الصفراء دون ان يكلفنا ذلك شيء!
ولكن في كلا الحالتين عندما تقول لا أدري فإن ذلك منطقياً يؤدي الى نتيجة انك تدري عن شيء ما او شيء آخر! وهذا ما جعل بعض السلطات في العهود السابقة تساؤل الفلاسفة اللأدريين إن اجاب بلا أدري فيقال له عن ماذا ادري اذن!
فعندما نقول ما ندري، فذلك يعني بالضرورة إننا ندري الى الاقل عن اشياء أخرى، ولكننا نفضل بأن نختصر الجواب ونقول ما ندري!
نحن لا ندري عمن خلف مشاهد الفساد في الكثير من المشاريع والمؤسسات والاجهزة والممارسات، ولكننا ندري عن الفساد كظاهرة، كمن قبيل اننا نقول ان الفساد موجود لكن لا نتهم أحداً به! اذن من أين أتي! الجواب: ما ندري!
ما ندري الكويتية، التي في حقيقتها إننا ندري ولكن لا نود ان نقولها، في كل مكان تقريباً فهي ممتدة من البيت الى الديوانية الى العمل وصولاً للمؤسسات الرسمية.
ما ندري، ايضا وصلت للجامعة!!!
-فلماذا تم تكليف فلان دون غيره… ما ندري!
-لماذا تم ترقية الان وعدم ترقية آخر مشابهة له في التخصص والنشر والمعايير الاخرى…. ما ندري!
-لماذا يتم تكليف البعض وهو في تفرغ بينما يتم اهمال المئات من اعضاء هيئة التدريس … ما ندري!
-ما هو مضمون تقرير المخالفات في الانشاءات الجامعية الذي قدمه مدير الجامعة السابق لجنة التحقيق في مجلس الامة، ولماذا تم تجاوز ما ورد في ذلك التقرير بعد استقالته… ما ندري!
-لماذا تصنيف جامعة الكويت في انحدار تزامنا مع تفشي المزاجية في التعيينات القيادية…. ما ندري!
-لماذا يتم اعفاء احد القياديين ويتم تكليف آخر بطريقة مفاجئة ودون ابداء اي اسباب في حين ان هنالك الكثير من الخيارات والكفاءات الاخرى… ما ندري!
-لماذا يصر البعض لكي يكون تشكيل لجنة اختيار المدير بشكل هندسي معين حتى او كلا الامر أن يتم اعفاء الكثير من القياديين دون اسباب… ما ندري!

اذا كان الحال قد بلغ لأن يكون في الجامعة لماذات كثيرة ولا أدريات أكثر ، فعليك ان تتخيل حجم الماأدريات في بقية الامكان!!!
نأمل والامل كبير في سمو رئيس الوزراء، أن يضع حداً لهذه “اللاأدريات” الجامعية من خلال استنطاق العلماء والمختصين المنصفين والمحايدين الذين يضعون مصلحة الجامعة فوق كل اعتبار دون محاباة الاحزاب والتيارات وأصحاب المصالح ويستمع لهم مباشرة دون وسطاء حتى فعلا يدري.

ما ندري الجامعية !!!
بقلم: د. عبدالله يوسف سهر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock