مافيا التعليم في الكويت «2-6»
توفقنا في الجزء الأول من مقال «مافيا التعليم في الكويت» عند اعتقاد أولياء امور الطلبة بأن مشكلة التعليم مشكلة مؤقتة ستزول مع مرور الزمن والآن ننتقل للجزء الثاني من المقال:
لقد خاب ظن أولياء الأمور فلم تكن المشكلة مؤقتة أو تخص مرحلة تعليمية معينة !! بل إن المرض السرطاني للدروس الخصوصية قد انتشر بشكل واسع من مرحلة الثانوية العامة الى المرحلة المتوسطة ثم الابتدائية وارتقى هذا المرض السرطاني بعد ذلك الى مستوى المعاهد والجامعات ، بل تعدى ذلك ليصل إلى حملة الماجستير والدكتوراه .!! إنها مافيا وسرطان التعليم الذي يبدأ بدروس خصوصية ثم يتطور وينتشر بسرعة وبشكل واسع ليشمل جميع الخدمات والشئون التعليمية والبحثية دروس خصوصيةوملخصات دراسية لكافة المراحل التعليمية،بحوث،اختبارات لغةانجليزية، اختبارات دراسات عليا «جيمات، وجي .أر إي.» اختبارقدرات عامة ،وبحوث ورسائل ماجستير ودكتوراه، وخدمة التدريب على كيفية مناقشة رسالة الماجستير او الدكتوراه، وتصميم مشروع علمي وبحثي متكامل ، وبحوث ودراسات للنشر في مجلات علمية متخصصة ومحكمة لغرض الترقية الأكاديمية، كل هده الخدمات التعليمية والبحثية والعلمية متوفرة مقابل مبلغ من المال يدفع لناشر وناقل السرطان التعليمي «مافيا التعليم» في بلد المال والأعمال والتنمية من المرحلة الابتدائية حتى حصولك على درجة الدكتوراه.وحصولك على الترقية في مجال وظيفتك حيثما كانت وأينما كنت !!
كيف يتم ذلك؟! الشرح يطول والوسائل المستخدمة متعددة ومتنوعة وملتوية، محلية وإقليمية ودولية لها جيش متخصص ومؤسسات تعج بالمتخصصين في كل مرحلة من مراحل التعليم من الابتدائي إلى مستوى الدكتوراه ، وحسب نوع الخدمة العلمية أو التعليمية أو البحثية المطلوب انجازها! يمارس هؤلاء المتخصصون والمؤسسات أنشطتهم وأعمالهم تحت غطاء ونشاط بعض مؤسسات الخدمات التعليمية ومكاتب الترجمة والطباعة والنشر،وتعليم اللغات الأجنبية، إنه عالم منظم وجريمة منظمة ترتكب بحق هذا الوطن المسكين في ظل رقابة ومتابعة شبه معدومة ومستقبل مجهول!
البعض سيتهمني بالمبالغة في الأمر!!وأقول بأنني لا أبالغ في ذلك وأن الأمر خطير جداً وهذا لا يعني أن الجميع قد غرق في هذا الوحل وأصيب بهذا المرض الخطير ولكن البيئة الكويتية بيئية حاضنة وجيدة لانتشار هذا السرطان التعليمي!! والمراقبة من قبل الجهات التعليمية و المؤسسات الرسمية لهذه الانشطة، مع الأسف الشديد ، شبه غائبة أو مغيبة.!! فكيف لا ينتشر هذا المرض السرطاني مع مرور الوقت وفي كافة المجالات ؟!!حيث الوفرة المالية،واستسهال الامر من قبل الباحث عن هذه الخدمات وعدم خوف مقدمي هذه الخدمات ، وغياب الرقابة والمتابعة من البيت والمدرسة والمؤسسات الرسمية المعنية بالأمر؟!!
بعد هذا كله كيف تريدون من الدولة أن تتقدم وتتطور!! كيف وقد تآكل ومرض أهم عمود من أعمدة البناء والتنمية البشرية وهو عمود التعليم منذ المراحل الدراسية الاولى ،وهدم الإنسان أهم عناصر التنمية البشرية منذ طفولته ؟ فبدلا من أن يكون المال عونا وسندا فلقد استخدم المال في هدم التنمية ومقوماتها!!
التعليم في خطر ،التعليم في خطر، التعليم في خطر، أكررها ثلاثا.!! والقيم في خطر!! ومؤسساتنا التعليمية والتنموية في خطر!!
أتمنى أن نعمل شيئا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى لنا من أبناء ومدرسين وموظفين ومواطنين مخلصين لا يزالون يقاومون هذا المرض السرطاني الخبيث وجيوش مافيا التعليم والممارسات المشبوهة لأنشطة بعض مؤسسات الخدمات التعليمية ومكاتب الطباعة والترجمة والنشر والتي تنشر سمومها بين كافة فئات المجتمع ! إن التحرك السريع والمخطط له من أعلي المستويات في الدولة مطلوب حتى نحد من «مافيا التعليم» ونخفف من الاثار السلبية لهذا المرض السرطاني وكذلك حتي نستطيع أن نلحق بالعالم المتقدم الذي يضع الانسان والعلم والمعرفة والتنمية البشرية من ضمن أولوياته وغاياته وأهدافه الاستراتيجية.
ودمتم سالمين
.
د.محمد الدويهيس
.
لقراءة المقال الأول: إضغط هنا