كتاب أكاديميا

مافيا التعليم في الكويت «1-6»

د. محمد الدويهيسد. محمد الدويهيس

هناك حقيقة أن أهمية التعليم مسألة لم تعد محل جدل او الشك في تقدم الشعوب والأمم ،بل ان الدول المتقدمة تضع التعليم فى أولوية برامجها وسياستها وأهدافها الاستراتيجية. ويحتل التعليم مكانة بارزة فى اهتمامات الساسة والقادة ،كما يعد سلاحا حاسما لتغيير الواقع ومواجهة المستقبل ،ومما لا شك فيه ان الدولة لا يمكن لن تتطور إلا من خلال العلم والعلماء ، والعلم لا يأتي إلا بعد بذل الجهد والجد والتعب والمثابرة والصبر وسهر الليالي .

وكما يعرف الجميع أن العلم نور، يرفع من قيمة الإنسان واحترامه ومكانته بين البشر، بينما الجهل ظلام يهدم ما بناه العلم والعلماء من تقدم ونمو ،بل ان الجهل يطمس ويشوه كل جميل ومفيد قد خطه أو جلبه العلم والعلماء لخير البشرية وقد قال الشاعر:

العلم يبني بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيت العز والكرم

لذلك نجد أن الدول والأمم والشعوب التي سادت العالم كانت تحرص كل الحرص على التعليم وتقدير العلم و العلماء، بل ان الدول التي قادت العالم قد حرصت على ان تستثمر مواردها المالية بتعليم أبنائها منذ الصغر، حيث حيث أنها تؤمن بمقولة : العلم في الصغر كالنقش علي الحجر.

ونظرا للتطور الذي شهده العالم فقد أنيطت مهمة التعليم في دولة الكويت إلى مؤسسات نظامية ورسمية متخصصة حيث اُستثمرت فيها ميزانيات مالية هائلة وجيش كبير من المدرسين والمدرسات وطاقم تعليمي اداري وفني ومرافق تعليمية متعددة ومتنوعة ،وتم جلب العديد من المتخصصين في المجالات العلمية والتربوية المختلفة لهذه المؤسسات التعليمية من العديد من الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية المتخصصة في مجال العلوم والتربية، كما تم ارسال العديد من أبناء وبنات الكويت مع بداية استقلال الدولة في بعثات دراسية لاستكمال دراساتهم العليا في الدول المتقدمة بمختلف التخصصات والمجالات العلمية. لكي يساهموا في بناء بلدهم و ينهلوا من منابع العلم والمعرفة والتكنولوجيا الحديثة في مختلف بقاع العالم.

وكان من المتوقع في ظل اهتمام الدولة وتشجيعها للعلم والعلماء ودعم التعليم بمراحله المختلفة، أن تكون النتائج مزيدا من التنمية البشرية وخدمات تعليمية متميزة وتحصيل علمي متقدم .!! إلا أن الواقع الذي يعيشه المواطن الكويتي عكس ذلك تماماً !! فقد تم ابتلاؤنا بمستوي تعليم متدني في ظل تكلفة مالية عالية و طلبة علم غير راغبين بالتعلم وبمدرسيين غير راغبين بالتعليم في ساعات الدوام الرسمي. وينتظرون انتهاء ساعات الدوام الرسمي ، لكي يبدأوا عملهم الفعلي من خلال اعطاء الدروس الخصوصية المستمرة لساعات متأخرة من الليل! وطاقم إداري ينتظر الراتب الشهري وفرص الترقي والإجازات والعطلة الصيفية بشوق ولهفة.

وأحب أن أؤكد بان هذا الوصف لا ينطبق على جميع الطلبة والطالبات والمربين الفضلاء والمربيات الفاضلات في جميع المؤسسات التعليمية ، حيث ان هناك العديد من الطلبة الراغبين والجادين في طلب العلم وهناك العديد من المدرسين والمدرسات الذين يبذلون أكثر من طاقاتهم في سبيل تأدية مسؤولياتهم بكل أمانة وصدق، ونحن نجل ونقدر ما يقومون به من اعمال جليلة في المجال التعليمى والتربوي بالرغم من البيئة التعليمية الطاردة، وعدم التقدير لهذه الجهود الجبارة سواء من أولياء امور بعض الطلبة أو من المسؤولين على مستوى الدولة!.

لذا لم يجد الآباء وأولياء امور الطلبة، في ظل هذا الوضع المتردي للتعليم ،مفرا من مسايرة الظروف التعليمية المتردية، حيث أصبحت الدروس الخصوصية هي الحل الوحيد للظفر بالحد الأدنى من التعليم سواء عن طريق مؤسسات خاصة أو مدرسين خصوصيين.يتحكمون بأسعار هذه الدروس دون رقيب أو حسيب !!

وكان الاعتقاد لدى بعض أولياء الأمور بأن هذه المشكلة مؤقتة وتخص مرحلة تعليمية محددة وظرف سيزول مع الوقت حيث ان الدولة ممثلة بوزارة التربية والتعليم العالي والجهات الرسمية ذات العلاقة غير غافلة عن هذه المشكلة وستقوم بدورها ومسؤولياتها الوطنية لمعالجة هذا الخلل!

فهل صدق تحليل أولياء الامور بأن هذه المشكلة مؤقتة وستزول مع مرور الزمن؟!

هذا ما سيتم الاجابة عنه في الجزء الثاني من مقال «مافيا التعليم في الكويت»

ودمتم سالمين.

 

 

د. محمد الدويهيس


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock