كتاب أكاديميا
د. سعيد زهيري (جامعة لينكولن بنيوزيلندا) يكتب :حقيقة ما حدث فى فرنسا: من قتل المدرس؟
حقيقة ما حدث فى فرنسا: من قتل المدرس؟
إن الحكومة الفرنسية و إدارة المدرسة منحت المدرس حرية التعبير و نسوا أن يعلموه مسؤولية استخدامها. فحرم بذلك المدرس طلابه من حقهم فى حرية رفض مناقشة مثل هذه المواضيع!
و لهذا قد لا يكون الشاب الشيشاني هو القاتل الوحيد! الأمر يحتاج لتحقيق موسع فى مقتل المدرس بهذه الطريقة البشعة التي يرفضها الدين الإسلامي بكل تأكيد.
فالمدرسة التى يعمل بها المدرس أهملت شكاوى أولياء الأمور بخصوص استثناء ابنائهم من حصص التاريخ و اصرار المدرس على عرض صور مسيئة للنبى محمد صل الله عليه و سلم. كما أن الحكومة التى تعتبر الإساءة للأديان حرية تعبير، تزرع الكراهية و تغذى العدوانية و الانعزالية بين طوائف المجتمع.
والمعلم الذي يتقاضى راتبه من الحكومة الفرنسية من أموال دافعي الضرائب و ذلك حتى يعلم الطلاب ما ينفعهم، فيتخذ قرار بتخصيص بعض دروس التاريخ و الجغرافيا لعرض رسوم مسيئة للأديان. فهل بهذا العمل قام المدرس بعمله على أتم وجه؟ أم إنه بما فعل خالف بديهيات التعليم؟
إن توفير بيئة مريحة للطلاب بعيدا عن الشحن والشعور بالحرج تعد من أساسيات التعليم. ف قيام المدرس بمناقشة مواضيع دينية جدلية تؤذى مشاعر بعض الطلاب ينم عن جهل المدرس بمهامه الوظيفية و ممارسته للسلطوية ضد طلابه. بالإضافة إلى أن قيامه بتحريض مجموعة من الطلاب على مغادرة الفصل لمجرد انهم مسلمين يعد عنصرية!
كما أن اختياره لهذا الموضوع تحديدا ليعلم الطلاب حرية التعبير ينم عن سوء نيته. لو أنه رغب فى عرض مواضيع للمناقشة، فلماذا لم يبدأ بجرائم الابادة الجماعية التى ارتكبتها فرنسا ضد الشعب الجزائري؟ أو يناقش وجهة نظر من يرفضوا الهولوكوست و يعتبرونه كذبة كبيرة؟ و لكنه عرف جيدا أن هذه الامور جميعا خطوط حمراء ولا يجوز المساس بها.
و لكنه لم يعتبر ما يسىء لنبي الإسلام وهي ديانة الكثير من طلابه خطأ أحمر؟ إذ سمح لنفسه بحرية التعبير و نسي حرية الآخرين فى رفضهم مناقشة مثل هذه الأمور وبهذا الشكل! شيء مؤسف و مهين للقائمين على التعليم الفرنسي و للحكومة الفرنسية التي تدعي دعمها لحرية التعبير. هل حرية التعبير قاصرة على طرف دون الآخر؟؟ أين العدالة التصالحية في التعليم restorative justice؟؟ إن ما حدث هو مصادرة حق الطلاب و حرياتهم في تقرير ما ينفعهم learner’s agency بداعي تعليمهم حرية التعبير!
و أخيرا أكرر هذا لا يبرر قتل المدرس أو الإساءة إليه فتلك جريمة شنعاء لا يتقبلها أي مسلم و يرفضها ديننا الإسلامي الحنيف. فالدين الإسلامي أوصى أبناؤه باجلال و احترام العلماء و الادلة على ذلك كثيرة كقول نبينا الكريم “ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا ، ويرحمْ صغيرَنا ! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ”.
انما أردت بهذه المقالة ان القى الضوء على مسؤولية كلا من رئيس الوزراء الفرنسي و مدير المدرسة عن الحادث. و لهذا يجب أن يكونوا ضمن من تم إيقافهم في هذه القضية لسطحية تناولهم للأمور.