أنوار بوكبر تكتب: ما بعد كورونا؟!
هنالك تغيرات كبيرة واضحة المعالم بل ومؤشرات يمكن من خلالها التنبؤ بمآلات حتمية على مختلف الأصعدة، سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو نفسيه وغيرها، لمرحلة ما بعد كورونا….
ومن منطلق اختصاصي في ميدان علم النفس، ومن خلال ملاحظاتي لسلوكيات الأفراد وردود أفعالهم إزاء هذه الأزمة، أرى أنه من الممكن التنبؤ بحدوث بعض المتاعب والأعطاب النفسية التي لا يمكن، بطبيعة الحال، إثباتها إلا بدراسة نفسيه تجريبية للواقع الراهن .
ومع ذلك، تسوقنا المعطيات المتوفرة إلى توقع بعض المشكلات النفسية والجسدية بعد تلاشي وانتهاء هذه الجائحة. في عام ٢٠١٠، أجرت جامعة ليفربول Liverpool دراسة انتهت إلى فرضية مفادها أن اجترار الأفكار(Rumination) حول حدث ما أو مشكلة ما بشكل تكراري ودائم يؤدي إلى ضغط نفسي، مما ينبئ فيما بعد بحدوث اكتئاب أو قلق أو وسواس قهري أو غيرها من مشكلات نفسية. وعندما ننظر إلى صخب وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار المواد ذات المحتوى المرعب والمخيف والتي تصل إلى الهواتف بشكل مكرر وكذلك كم الهاشتاقات والاشاعات وانشغال البعض بتلك المواد التي لا تغني ولا تسمن من جوع تكرارا ومرارا يوميا وتداولها وتحليلها والنقاش الدائر حولها لساعات وساعات، حتى يدخل الشخص بدوامة تكرارية مليئة بأفكار تثير القلق والهلع والذعر وتخزن في العقل والذاكرة، ومن ثم تشكل ضغطا نفسيا قد يفضي، في نهاية المطاف، إلى الأمراض النفسية. ناهيك عن أن السلوك البدني المتمثل بالركود والجلوس شبه الدائم وتناول غير عقلاني للأطعمة، كل تلك الأمور قد تعلن عن حدوث عطب نفسي وجسدي في الوقت ذاته مستقبلاً.
إدراك الواقع الحالي والاتزان يحميك من هذه الأزمة. الاتزان يشمل جوانب الحياة المختلفة كالجانب البدني، والروحاني، والاجتماعي، والعقلي (علمي)، والترفيهي نعم يمكنك القيام بها جميعاً بشكل متزن داخل منزلك لك ولأولادك. إن إدارة الأزمات لا تقتصر على دور الدولة بل تشمل كل رب أسرة لإدارة الأزمة داخل منزله. حفظكم الله من كل مكروه.
أنوار بوكبر
ماجستير إرشاد نفسي