أ. نعمان عبدالغني يكتب: ممارسة وفلسفة حياة واستواء نفسي
تعتبر الرياضة من أهم النشاطات البدنية التي يتحرَّى الكثيرون القيام بها، وتأديتها كلما سنحت لهم الفرصة لذلك، بل وصل الأمر ببعضهم إلى وضعها على رأس قائمة جدول الأعمال اليومية، وذلك لما لها من فوائد عديدة لا يمكن حصرها تعود عليهم في حياتهم، إلى جانب الفوائد التي تعود بها الرياضة على الفرد نفسه، فهناك فوائد عديدة تعود بها على المجتمع بأكمله، فالرياضة قيمة عظيمة تعود على الجميع بالفوائد التي لا يمكن إحصاؤها، وفيما يأتي نسلط الضوء على أبرز فوائد الرياضة، وآثارها البيضاء على المجتمع بأسره.
الرياضة ظاهرة مُعاصرة تهتم بالصحة بل بحالة الفرد الشاملة , مُتضمنة إتاحة الفرصة للجميع لممارسة الأنشطة الحركية المتنوعة بحرية وفقاً لميولهم ودوافعهم وقدراتهم دون أي اعتبار للجنس أو السن أو الديانة أو المستوى المهاري أو التعليمي أو الثقافي أو الاجتماعي وكله بهدف تحقيق حياة صحية أفضل للفرد, ولم يعد الأمر يقتصر على ذلك فحسب؛ حيث أن هذا المفهوم أصبح منتشر بمختلف بقاع الأرض بشكل ترويحي خاصة بمختلف الفئات العمرية, هذا إذا ما تكلمنا عن إيجابية تطوير الصحة وتحقيق السعادة والصحة النفسية ومحاربة مظاهر الشيخوخة وكثير من الإيجابيات التي تنتج من خلال تفعيل دور الرياضة في المجتمع.
والوعي الرياضي والصحي من خلال ممارسة المناشط البدنية يكمن في قدرة وصول الرياضة إلى عمق القاعدة المجتمعية لكافة أفراد المجتمع ، كما أن الثقافة الرياضية في عصرنا هذا أصبحت تعبر عن الأسس الرئيسية في المجتمع حيث أنها أصبحت ظاهرة اجتماعية وحضارية هامة في المجتمعات الحديثة فهى تساعد على اختيار نوع النشاط المناسب بهدف الارتقاء باللياقة البدنية والصحية العامة للفرد والثقافة الرياضية تساعد في بناء منظومة مستمرة لممارسة الرياضة من خلال وضع موعد ثابت من حياة الفرد اليومية يمارس فيه النشاط الرياضي بشكل منتظم مما يساعد الفرد على الحفاظ على صحته العامة على مدار السنين.
ولا يختلف اثنان في أن ممارسة الرياضة هي نشاط اجتماعي ترفيهي، وجد بوجود الإنسان في جماعات، وهذا ما أشار له المتخصصون من علماء علم النفس والاجتماع الرياضي أن للرياضة الأثر النفسي والإجتماعي الإيجابي على الإنسان وتركيبته النفسية وتفاعلاته الاجتماعية وعلاقاته الإنسانية ، حيث تعتبر مكون أساسي يدعم وينمي الشخصية والهوية الإنسانية والعلاقات الإجتماعية ، إضافةً إلى كونها مطلب جماهيري وفضاء لتنمية وتكوين الهوية الاجتماعية للمجتمع، ومصدر هام لتفريغ للضغوط النفسية.
ولا شك بأن الرياضة أصبحت في عصرنا هذا من الضرورات و صناعة مبنية على نسقين عقلاني اقتصادي وثقافي قيمي مجتمعي ، حيث أصبحت أحد الركائز الأساسية ، إضافة إلى ركائز أخرى كالوطن واللغة والدين والمصير المشترك) لبناء وإعادة بناء هوية الفرد والمجتمع، خاصة في ظل تطور تكنولوجيات الإعلام والاتصال.
لذا فإن تنمية الاتجاه الإيجابي نحو ممارسة النشاط البدني يعد ضرورة ومخرجاً تربوياً واجتماعياً للتغلب على المشكلات الصحية والنفسية والسلوكية والأخلاقية المتعلقة بالتقدم التقني والمجتمعي لدى أفراد المجتمع عامة .
كما يكمن دور ممارسة الرياضة وتأثيرها الهام للمجتمع بأهدافها السامية المنبثقة من ديننا وتقاليدنا من تواد ومحبة خالصة تصقل المشاعر النبيلة وتطور الفنون الرياضية إلى مزيد من الازدهار بعيداً عن التعصب الفردي والمهاترات والمشادات أما في ممارسة الرياضة فمشاركاتها محبة خاصة بعيدة عن كلمة انتماء وما شابهها.
لذلك تعتبرممارسة الرياضة نشاط اجتماعي يحتل مكاناً واسعاً في كل مجتمع واعي ومتحضر، والرياضة وإن كانت ذات أهمية على مستوى الأفراد حيث تساهم بدرجة كبيرة في مجال صحة الإنسان ولياقته البدنية وشغل وقت الفراغ لديه فإنها لازمة على مستوى المجتمع عبر الأندية والفرقالرياضية أيضاً؛إذ المفترض أن تؤدي إلى التآلف والتعارف والتثقيف ورفع اسم المجتمع بين المجتمعات الأخرى؛ ولذلك فإن الخروج عن هذه الأهداف بالمهارات والتعصب الأعمى ومخالفة مبدأ الروح الرياضية الحضارية يؤدي إلى ابتعاد الرياضة عن أهدافها الإيجابية؛ فالتعصب مثلاً: توجه نفسي سلبي يتضمن الكراهية والانحياز وتعود أسبابه إما إلى الشعور بالتعصب أو إلى عدم التنظيم أو الانفعال أو إلى عدم الوعي ومن هنا تتطلب معالجته ببث الروح الرياضية دون انفعال وتقبل الفوز بدون غرور، بل قيل إن الرياضة في التعلق بها وكثرة جماهيرها تتفوق على العديد من المؤسسات الجماهيرية كالأحزاب والنقابات والمؤسسات المختلفة.
وعلى هذا فالرياضة ليست أسلوباً تشجيعياً فحسب إنما هي ممارسة وفلسفة حياة واستواء نفسي وسلامة عقل وجسم, فإن أردنا النهوض بأنفسنا ومجتمعنا بها علينا تنشيط مفهوم الرياضة للجميع وهو المجال الأهم والأكثر فائدة للمجتمع ككل.
الاستاذ : نعمان عبد الغني
*- الأمين العام للأكاديمية الدولية لتكنولوجيا الرياضة –السويد-