د. محمد العوضي يكتب: بركات الدكاترة والدكتورات… في تخريب الطلاب والطالبات!
مع اقتراب موعد الاختبارات النهائية في كل فصل دراسي في الجامعات والكليات، تنهال اتصالات الواسطات والتوصيات والرجاءات وأحياناً التلميحات على استحياء للخروج من العتب الاجتماعي وضغط الثقافة السائدة.
كل ذلك من أجل رفع درجة طالب ضعيف جداً، أو شطب درجة الرسوب لآخر واستبدالها بتقدير يدخله في زمرة المتفوقين!
الكل يعلم أن هناك حالات استثنائية صعبة أو قاهرة تنتاب قلة من الطلاب والطالبات يوم الاختبار أو قبله (عندي طالب توفيت والدته فجر يوم الاختبار الخميس الماضي)،
ومثل هذه الحالات لها معالجتها القانونية المنضبطة التي تراعي الطالب ومستقبله التعليمي وحقه.
لكن مصيبة المصائب تظهر في الواسطات المحرجة في ما يخص الطلاب الذين إذا لم يأخذوا تقديراً عالياً (امتياز) (A)، فإنهم يُفصلون من الكلية ويكون حصاد سنينهم كمن حرث في البحر.
أصف هذه الحالة بالمصيبة لاعتبارات عدة:
أولها تخص الطالب نفسه الذي أضاع مستقبله بسبب لامبالاته وتقصيره.
وثانيها في أهله الذين ينعكس فشل ولدهم أو ابنتهم على نفسية الأسرة وما يتبعها من تداعيات سلبية أحياناً، مادية أو اجتماعية أو كليهما.
وثالثها تخص الوسيط الذي بادر بطلب شفاعة ليست في محلها محرجة وصعبة، لأن الطالب لم يعط من نفسه اهتماماً ما يشجع الدكتور على إيجاد مخرج (عادل) لوضعه.
ورابعها مصيبة على أستاذ الطالب، لأنهم يحشرونه في زاوية تأنيب الضمير بحيث تكون الصورة أن مصير إنقاذ الطالب من ضياعه التعليمي في يدك أيها الدكتور، لأنك تملك صك الدرجات!
والحق أنني صدمت من مشهد أرجو ألا يكون متفشياً، ألا وهو غياب طالب أكثر الفصل الدراسي ولم يختبر «النصفي» ولم يلتزم بالبحث المطلوب منه ويحضر بلا كتاب، وإن حضر يدخل متأخراً وفي الاختبار النهائي يكشف أن لا علاقة له بالمادة ويأخذ درجة دون 20 في المئة. وهو في فصل التخرج، ويلزمه كي يتخرج أن يأخذ درجة عالية في المادة، ثم يتبين أن الطالب أخذ في بقية المواد امتيازاً!
كيف ذلك ومعروف عنه الإهمال ذاته مع تلك المواد؟!
الجواب: أن بعض الدكاترة خضعوا للواسطات والرجاءات وإلحاح المعارف و«حب الخشوم». فلما وصل إلى الأستاذ الجاد وصاحب الضمير الحي، اصطدم بالجدية والعدالة واحترام اللوائح كي لا يساوي الذين اجتهدوا مع المهملين.
فإذا أصر الدكتور على موقفه العادل الصارم، فهل يكون فصل الطالب من ذنب الدكتور أم من التقصيرات المتراكمة للطالب؟
ثم أليس الدكاترة الذين أفاضوا على الطالب المهمل والمستهتر بالتعليم من بركات الدرجات… أليس هؤلاء الأكاديميون يمارسون ويكرسون منهج التخريب بامتياز للطلبة والتعليم والحياة ويعطون أسوأ قدوة في أرقى مؤسسة!
د. محمد العوضي
mh_awadi@