سوسن إبراهيم تكتب: البداية
البدايات لطالما تجذبنا لأنها تغلق ملفات الماضي العالقة بين أضلاعنا المتهالكة وتُعيد ترميم ما هُدم تحت سقف طموحاتنا العالية ليتغير العالم بأعيننا فجأة بطرفة عين وكأنه حلم جميل لطالما توقعنا العيش تحت ضلاله والتمسك بأغصانه الوارفة.
كل شيء جميل بالبدايات، علاقات الصداقة والحُب، مشاعرنا المتأججة، شغفنا بالحياة الذي يبدأ بومضة إلهام تشق طريقها نحو حياتنا الروتينية فتقلبها رأسًا على عقب ولكن بمعناها الثري الملتهب الذي لا يهدأ لنا بال حتى نحقق أهدافنا. وكذلك هو الإقبال على عام جديد، حيث الفرصة التي نتحين لحظات العمر لننتشلها من بين أنياب الزمن، التي ما إن تقع بين أيدينا حتى نتغير جذريًا وتتغير معها خرائط أعمارنا. بداية العام هي صفحة جديدة ناصعة البياض نتلقفها لنرتب عليها ما سيكون في مقتبلالحياة. ما سنخطّو عليها تراتيل النجاح حتى نبدأ بخطوات تقربنا أكثر نحو تحقيق الأهداف.
هي لحظات من أعمارنا بل أكثر، هي بداية لعوالم جديدة ندخلها لنجوب فيها ونخوضتجارب عديدة، تغنينا معها نشوة حماستنا. وكل ما نحتاجه بالفعل فيها هو الإيمان بأن هذه البداية مختلفة عن أي بداية سابقة لأنها ستكون الأكثر عنفوانًا وألقًا، لأننا سنتعلم أن الحياة بلا حماس يتوقد داخلنا ونار الإنجاز مشتعلة وشرارة التغيير موائمة لن نتغير ولن نتحول بل سنبقى عالقون في سراب الوهم ومتحيزون لجانب البؤسوالحرمان.
لطالما أيقنت أن جميع البدايات تكون جميلة لأنها تبث فينا دهشة الطفل الذي فقدناه منذأعوام مديدة. وكأنها عصا تعبث بذكريات الماضي وتعيد إحياء ذاك الطفل الساكن بأفئدتنا. لأننا مهما كبرنا لن يكبر ذاك الجزء الطفولي فينا الذي يحتاج إلى جميع المشاعر الحنونة تلك التي تُذكرنا بلمسات أم حانية ومداعبة أب غيور. وكأن جميع ما عايشناه في طفولتنا يعيد تشكيل نفسه ويظهر لنا بوجه جديد، بوجه يلمس فيناأعمق نقطة داخلنا لنوقن بأننا مازلنا أحياء وبأن الحياة مازالت تفتح ذراعيها أمامنا كشريك حياة نذر أن يحمل عنا أحزاننا.
نعم إننا مقبلون على عام جديد وكل ما يهم الآن هو أن نُقسم على أنفسنا بأن نكون أسعد فيها وأفضل، أن نعشق تفاصيلنا الصغيرة التي بالكاد يلاحظها أحد وأن نوصد أبوابًا لطالما كانت تؤذينا.
كل عام وبداياتُنا أجمل وكل عام وأنتم بخير..
سوسن إبراهيم محمد
@SawsanIris3