كتاب أكاديميا

سوسن إبراهيم تكتب: صرخة غضب

       الخامس والعشرون من شهر نوفمبر من كل عام تتسابق الصُحف والمنظمات الحقوقية وخاصة تلك المعنيّة بحقوق المرأة بالقيام بحملات واسعة لمناهضة العنف ضد المرأة. وتتنوع العناوين وتُبتكر المنشوراتوكلها تحمل في طياتها صور نساء مفجوعات وأخرى يشعرن بالعار وكلمات الإذلال والترجي تتوسطها لتروج لهذه المناسبة المهمة. 
ولكن كفى تُظهرون المرأة كجنس مغاير ناقص وأقل من الرجل. كائن ضعيف مسلوب الإرادة. تحلم برجل يسعفها ويحقق أحلامها وينقذها من مغارات الحياة. كفى تُظهرونالمرأة عصفورا ً بلا جناحين. أو جسدا ً يجب أن يُلف بآلاف القطع لكي تُبعد العقول المريضة عنها.
المرأة كيان وهي قوية بذاتها، فلماذا نربط سعادتها وأمنها وأمانها بالرجل؟ لماذا لا تستقيم حياة المرأة في مجتمعاتنا إلا بوجود الرجل؟ هي صلبة وقادرة على تجاوز جميع الأزمات بعيدا ً عن التواجد الذكوري في حياتها.
ولكي نقاوم العنف ضد المرأة بالفعل، لا نحتاج لحملات توعية تُخبرنا كم أن المرأة رقيقة وضعيفة أو أن من شيم الرجال احترام المرأة وتكريمها. بل نحتاج إلى تبني منهجية سليمة تأكد مساواة كلا من الجنسين وترسخ فكرة احترام الذات لدى المرأة وعدم انهزامها او تقبلها للظلم الواقع عليها من قبل رب الأسرة أو الزوج. لأن ما يدور في بيوت مجتمعاتنا العربية تبقى سرا ً وخاصة تلك الانتهاكات التي ما إن تخرج خارج البيت تُعتبر عيب. إذا لم نغير من فكرة المرأة نفسها عن ذاتها وأهميتها وقوتها وحقوقها لن ينتهي العنف ولن تُقاوم من أجل راحتها، لأنه سيصبح أمرا ً مسلما ً به ومألوفا ً. وما إن تتعرض لأي صنف من أصناف الإهانة ستبقى صامته وخاضعة ولكن ليس من أجلها فقط، بل من أجل المجتمع والقيل والقال.
هذا المقال ليست كلمات مصفوفات ولا حوار هادئ عن المرأة وتعرضها للعنف، هذا المقال هو صرخة غضب أمام جميع النساء المستضعفات وجميع العادات والتقاليد البدائية وأمام الذكر الذي يعرف نقصه جيدا ً.
   
                                            سوسن إبراهيم محمد 
                                 @SawsanIris3                                            

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock