كتاب أكاديميا

التدريب في الجهاز الحكومي .. ضرورة أم ترف؟!

drmaldwahees

 

العالم من حولنا يتغير بشكل سريع في كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والسياسية، وإذا أردنا أن نتكيف مع هذه المتغيرات السريعة والمتسارعة، فلا بد لنا أن نعد مواردنا البشرية لمواجهة هذه التغييرات للحد من أثارها السالبة والتأقلم والتكييف معها واستثمارها لخدمة الوطن والمواطنين.
ويعتبر التدريب أحد الوسائل الفاعلة والمهمة التي يمكن من خلالها تزويد مواردنا البشرية بالمعلومات والمعارف وكسب المهارات وتغيير السلوك الانساني لخدمة المنظمة والعاملين فيها من موظفين ومدراء ولتقديم خدمة متميزة للمتعاملين معها من عملاء ومواطنين .
ومنذ استقلال دولة الكويت وهي تعمل جاهدة مجال تنمية مواردها البشرية سواء على مستوى المعاهد التدريبية المتخصصة أو من خلال التدريب الاداري والفني الذي يتم لموظفي القطاع الحكومي، وتنفق الدولة سنويا مبالغ طائلة في هذا المجال !!
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل التدريب في الجهاز الحكومي ضرورة أم ترف ؟! يرى بعض المتخصصين في هذا المجال أن التدريب بكافة أنواعه ومستوياته ضرورة ملحة لتنمية مواردنا البشرية وتطوير مؤسساتنا وأجهزتنا الحكومية، بل ويذهبون إلى أبعد من ذلك حيث يحددون مدى تطور وتقدم الدولة بعدد ونوعية البرامج التدريبية ونسبة ما يتم استثماره في التدريب من الميزانية العامة للدولة.
وفي المقابل يرى البعض أن التدريب ما هو إلا صرف وهدر للميزانية العامة للدولة ووجدت هذه الميزانية للترف الاداري والتهرب من الأعمال والمهام الوظيفية في ظل البطالة المقنعة وزيادة الفوائض المالية وفرصة لمزيد من السياحة الادارية في بعض الدول تحت غطاء التدريب والتطوير والتنمية!!
والمتتبع لنشاط التدريب بالجهاز الحكومي يرى أن كلا الفريقين محق فيما ذهب إليه!!حيث نجد أن بعض الجهات والأجهزة الحكومية مؤمنة بأهمية ودور التدريب في رفع كفاءة وفعالية الجهاز الحكومي وعليه فهي تستثمر في هذا المجال وتتابع العملية والمنظومة التدريبية بجميع مراحلها متابعة مستمرة ودقيقة! وعلى النقيض من ذلك فهناك من لا يرى بالتدريب أكثر من فرصة للهروب من عناء العمل وفرصة للراحة والاستجمام!! وفي اعتقادنا يرجع ذلك للممارسات الخاطئة التي تقوم بها بعض الجهات الحكومية وكذلك الشركات والمعاهد التدريبية بسبب الضعف في عملية اعداد وتنفيذ وتقييم ومتابعة العملية التدريبية من الجهة الحكومية وعدم وجود رقابة ومتابعة من الجهات الرقابية !!
نعم هناك مبالغ هائلة تهدر تحت بند التدريب وهناك تراخي في متابعة العملية التدريبية تتطلب بأن يقرع الجرس لكافة المسؤولين وفي مختلف القطاعات الحكومية !!
إن سوء ادارتنا للعملية التدريبية والممارسات الخاطئة من البعض لا تلغي أهمية التدريب وحاجتنا له، بل أن التدريب ضرورة ملحة لتنمية مواردنا البشرية وتطوير جهازنا الحكومي حيث إن التدريب هو استثمار في راس المال البشري الذي هو أهم عناصر التنمية والتطوير!
فهل يعي ويفهم المسئولون عن التدريب والتطوير أن المشكلة ليست في التدريب ولكن في سوء إدارتهم للعملية التدريبية ودورهم الغيرمسئول في تردي كفاءة الجهاز الحكومي ؟!!
أتمنى أن أكون قد وضحت وجهتي النظر حول دور التدريب وأهميته الكبرى في التنمية والتطوير، كما أتمنى الاسراع في اتخاذ الخطوات والإجراءات الضرورية من قبل من يهمه الأمرللاهتمام بالمنظومة التدريبية على مستوى الدولة وإزالة التداخل والتشابك في الاختصاصات بين العديد من الجهات والمؤسسات التعليمية والتدريبية الحكومية في نشاط التدريب على مستوى الدولة مثل ديوان الخدمة المدنية والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والجامعة وبعض المراكز التدريبية في بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية، وأهمية متابعة العملية والمنظومة التدريبية ككل، وإدخال الاساليب الادارية الحديثة ونظم الاتصالات ونظم التكنولوجيا المتطورة في العملية والمنظومة التدريبية وخاصة الاستثمار في اسلوب التدريب عن بعد في الجهاز الحكومي.

ودمتم سالمين،

د. محمد الدويهيس


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock