كتاب أكاديميا

محمد بن خواش يكتب: كامبل بنرمان


     انعقد مؤتمر كامبل بنرمان في لندن عام 1905م واستمرت جلساته حتى 1907م، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين. وهو ثاني المؤتمرات التي تم عقدها ضد الأمة في التاريخ المعاصر، فقد جاء بعد المؤتمر الصهيوني الأول الذي يستهدف العرب، فمنذ مؤتمر كامبل بدأت الحملات الصليبية بطابعها الجديد، فلم تكن كسابقاتها والتي كانت حملات ذات طابع عسكرية فقط، بل أصبحت عسكرية وتحمل في طياتها مشاريع فكرية وعقائدية جديدة.


   قبل التطرق لمؤتمر كامبل بنرمان لابد أن نعرج أولاً على حدث تاريخي مهم، وهو المؤتمر الصهيوني الأول، الذي عُقد في مدينة بازل السويسرية في عام 1897م بمشاركة  ممثلي الجاليات اليهودية كافة بزعامة ثيودور هرتزل وقد خلُص المؤتمر إلى القرارات التالية:

تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة ثيودور هرتزل.

إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والسعي للحصول على تأييد دولي  لهذا الهدف.

تشكيل الجهاز التنفيذيالوكالة اليهوديةلتنفيذ قرارات المؤتمر.


     إذا علمنا أن أساس الصهيونية هي الماسونية، والماسونية متغلغلة في كل الدول المُنْضَمّة لمؤتمر كامبل بنرمان، وهي: بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا. فلا غرابة أن المؤتمر أيّد قيام الكيان الصهيوني في فلسطين، فقد استثمرت الصهيونية مطامع الدول الاستعمارية لصالحها،

فقد كانت الحركة الصهيونية تدرك أن مشروعها لن يُكتب له النجاح إلا برعاية دولة كبرى وحمايتها، وكان عليها أن تعرضه في ضوء المصالح التي يمكن أن تجنيها القوى الكبرى.


   اشترك في مؤتمر كامبل مجموعة من كبار علماء التاريخ والاجتماع والجغرافيا والزراعة والبترول والاقتصاد، ورفعوا توصياتهم عام 1907م لرئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بانرمان والذي سُميت الوثيقةكامبل بانرماننسبةً له . وفي نهاية المؤتمر خلصوا إلى نتيجة مفادها أن الرابط بين الشرق والغرب وملتقى طرق العالم والمنفذ الطبيعي للقارتين الإفريقية والآسيوية هو البحر الأبيض المتوسط، ومن يسيطر عليه فقد سيطر على العالم، لكن الإشكال الذي واجههم هو أن من يسكن على ضفاف هذا البحر شرقاً وغرباً هم العرب، الذين يملكون كل مقومات الحضارة، فلديهم دين واحد وهذا الدين أعطاهم آلية قيام الحضارة، ولديهم تاريخ ولغة وثقافة وأهداف واحدة، علاوة على تزايد السكان المضطرد، ولديهم ثروات طبيعية مهولة، وقد ارتأى المؤتمرون أن هذا الشعب هو الخطر الأعظم على المصالح الغربية، ويجب أن تتم محاربة أي محاولة نهضوية له، كما يجب أن يبقى كما تركته (نهاية الدولة العثمانية) مفككاً جاهلاً، وقد خرجوا بعدة توصيات أذكر منها:

يجب إقامة كيان في قلب العالم العربي على مقربة من قناة السويس يكون قوياً وغريباً ومعادياً للعرب وصديقاً للدول الأوروبية، يفصل الجزء الآسيوي من العالم العربي عن الجزء الإفريقي من العالم العربي، لكي لاتكون هناك وحدة عربية، وهذا الفصل يكون فصلاً (مادياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً)، كما كان من مهام هذا الكيان رعاية المصالح الغربية و إضعاف المنطقة وزعزعتها باستمرار والتأكد من عدم قيام أي وحدة بين الشعب العربي، وبالطبع كان (الكيان الصهيوني) هو وسيلتهم.

إنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها.

محاربة أي توجه وحدوي بين الدول العربية.

تجهيل الشعب العربي وحرمانه من اكتساب العلوم والمعارف والتقنية ومحاربة أي اتجاه من أي دولة عربية لامتلاك العلوم التقنية.


   لقد كان هذا المؤتمر هو النواة الأساسية التي انبثق عنها كل من (اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م، وعد بلفور 1917م، مؤتمر فرساي 1919م، مؤتمر سان ريمو 1920م، معاهدة سيفر 1920م، معاهدة لوزان 1923م) ولعلّي أشرح كل تلك الإتفاقيات مستقبلاً بإذن الله.


    الغرب يعلم جيداً بأن لدينا كل مقومات النهضة والتقدم ونملك تصوراً واضحاً للقيام بذلك، لذا تجد الغرب لا يتهاون مع أي مشروع نهضوي في وطننا العربي ، و مايحدث في المملكة العربية السعودية خير مثال، فبمجرد ما أن بدأت المملكة تخطو نحو النهضة حتى قام الغرب بشن الحملة تلو الحملة، تلك الحملات المسعورة التي تريد أن تثني السعودية عن مشروعها، ولكننا مؤمنون بنصر الله {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.


واقرأو التاريخ وتمعنوا بمجرياته وانظروا لما يحدث لنا في واقعنا المعاصر لتعلموا صدق ماورد آنفاً.


محمد بن خواش

‎‏‎‏Email: [email protected]

‎‏Twitter: @mrq8i11

‎‏ Instagram: mr_q8i111

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock