كتاب أكاديميا

عبدالحميد علي عبدالمنعم يكتب: التعليم في نفق السياسة

سيظل النقاش المتكرر بشأن المسؤولية عن تراجع مستوى مخرجات التعليم والعملية التعليمية برمتها بحاجة الى الاثراء، ما لم يتم الانتقال الى التفاصيل. فهي ليست مرهونة في كل الأحوال بانتماءات الوزير، فمن المعلوم خاصة في العقود الأخيرة أن الوزير لا يستمر طويلا في موقعه، وبالتالي لا يظهر تأثيره ما لم يكن متمتعا بقوة الشخصية، ومصحوبا بالرؤية والقدرات الادارية والفنية والعلمية المتميزة، وما يلقاه من دعم متنوع المصادر من خارج الوزارة. ومراجعة سريعة لمن شغلوا هذا المنصب في جميع الحكومات التي تلت التحرير تثبت ذلك، فمنهم من مضى من دون أن يشعر به أحد، ومنهم من ترك بصمات لا يزال تأثيرها قائما.

ان القيادات العليا في الوزارة هي الأكثر قوة وتأثيرا، باعتبارها الأكثر دراية بشعابها، بحكم الفترة الزمنية الطويلة التي مارست فيها السلطة، ويأتي في المقدمة وكيل الوزارة ثم الوكلاء المساعدون، ويليهم في المستوى الأدنى مباشرة مديرو الادارات مع اختلاف هذه المسميات بحسب المؤسسة التعليمية. هذه المناصب هي صاحبة القرار في توزيع موارد الميزانية على مختلف أنشطة الوزارة بما في ذلك مخصصات الرواتب والمزايا المادية والعينية للموظفين، وبناء القدرات وتحديد السياسات في ما يخص اعداد المناهج وماهية الأنشطة الممنوعة والمسموح بها داخل المدارس، وما الى ذلك من تفصيلات يمكن من خلالها توجيه العملية التعليمية بما يتلاءم وتوجهات القائمين عليها. ولهذا السبب تتنافس العديد من مصادر السلطة والقوة والنفوذ في البلاد في تعيينات هذه المناصب في مختلف المؤسسات الحكومية. فهم، كما أسلفنا، من يسقطون توجهاتهم على مجالات اختصاصهم واستخدام صلاحياتهم بما في ذلك انتماءات من يعينون ضمن دوائرهم، وهذا ما يفسر التجمعات الطائفية والقبلية والسياسية وما شابه داخل هذه المؤسسات. وقد بات هذا التنافس أكثر شراسة بعد استحداث آلية التجديد الدوري لعقود التعيين فيها.

ينطبق هذا الحديث على المواقع التعليمية الأخرى مثل جامعة الكويت وهيئة التعليم التطبيقي مع اختلاف التفاصيل، حيث تحظى الكليات بإداراتها وهيئاتها التدريسية باستقلالية أكبر، وللتجمعات الطلابية حضور أقوى. كما ينطبق ذلك على قطاع التعليم الخاص بمدارسه وجامعاته، وقد يظهر فيها تأثير التمويل وانتماءات من يقف وراءه بشكل أكثر وضوحا. يضاف الى ذلك أن لبعض مؤسسات المجتمع المدني حضورا كبيرا داخل المواقع التعليمية مثل جمعية المعلمين التي تمارس الضغط وتشارك في لجان حكومية وبرلمانية حال جمعيات أخرى. ومن هنا يحتدم الصراع بين التيارات المختلفة خلال انتخابات مجالس اداراتها. ويبقى هناك جانب آخر لا يقل أهمية في هذه المسألة، هي المؤسسات الحكومية التي تسمح اختصاصاتها بإيفاد بعثات خارجية للتعليم الجامعي أو الدراسات العليا، مثل ديوان الخدمة المدنية ووزارة الصحة ومؤسسة البترول وما يعنيه ذلك عند عودة هؤلاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock