نهج الحزم والصدق… في ذكرى تولي سمو الأمير مقاليد الحكم | بقلم: د. خالد الهيلم الزومان

في ذكرى تولي سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم، تستحضر الكويت مرحلة مفصلية من تاريخها الحديث، مرحلة اتسمت بالوضوح في الرؤية، والحزم في الموقف، والصدق في الخطاب، بعيدًا عن المجاملة أو المواربة، وقريبًا من همّ الوطن ومصلحته العليا.
في أول خطاب لسموه عبر شاشة التلفاز، لم يكن الحديث تقليديًا أو محكومًا بعبارات إنشائية مألوفة، بل جاء صريحًا ومباشرًا حين أكد تحمّله «تركة ثقيلة»، وتعهد بتنظيف البلد وإعادته إلى ما كان عليه. كان ذلك الخطاب بمثابة عهد أخلاقي بين القائد وشعبه، ورسالة واضحة بأن المرحلة القادمة لن تكون امتدادًا لأخطاء الماضي، بل تصحيحًا جادًا لمسار الدولة، وإعادة اعتبار لقيم العدالة والانضباط وهيبة القانون.
ومع مرور الوقت، بدأت ملامح هذا النهج تتجسد واقعًا ملموسًا. فقد برزت قيادة لا تحابي أحدًا على حساب الوطن، ولا تتردد في اتخاذ القرار متى ما اقتضت المصلحة العامة ذلك. قيادة تؤمن بأن هيبة الدولة لا تُبنى بالشعارات، بل بتطبيق القانون على الجميع، وبأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من الشجاعة في مواجهة الخلل، مهما كانت التحديات أو الكلفة.
تميّز سمو الأمير بشخصية قيادية تجمع بين الحكمة والحزم؛ حكمة في قراءة الواقع وتعقيداته، وحزم في معالجة أوجه القصور، وإرادة واضحة في إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وتعزيز دورها. وهو نهج يعكس فهمًا عميقًا لمسؤولية الحكم، وإدراكًا بأن الثقة الشعبية لا تُمنح بالكلمات، بل تُكتسب بالأفعال والمواقف الصادقة.
واليوم، يلمس الشعب الكويتي نتائج هذه المسيرة الإصلاحية، ويقرأ في تفاصيل المشهد العام ملامح دولة تُدار بعقل الدولة لا بعقل المصالح الضيقة. لله درّك يا صاحب السمو، فقد أثبتت الأيام أن ما قيل لم يكن وعدًا عابرًا، بل التزامًا وطنيًا صادقًا.
نسأل الله أن يطيل في عمركم، ويمتعكم بموفور الصحة والعافية، وأن يرزقكم البطانة الصالحة التي تعينكم على الحق وتسدد خطاكم، وأن يحفظ الكويت وقيادتها، ويديم عليها نعمة الأمن والاستقرار.



