د. حمد العصيدان يكتب: أزمة قبول «التطبيقي»… مسلسل سنوي!
من زاوية أخرى
كالمعتاد في كل عام، تابعنا «ثورة الغضب» التي فجرها إعلان الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب عن نتائج القبول للمتقدمين في العام الدراسي الجديد، هذه الثورة التي ترجمها الطلبة المعترضون – بين مرفوض ومقبول في فرع لا يرغبه – تجمهرا في مبنى الهيئة، وتحديدا في صالة التسجيل والقبول، وسط اعتراضات وتشنجات وصلت إلى حالات من الإغماء بسبب الحالة النفسية للطلبة الذين يرون مستقبلهم الدراسي قد ضاع من جهة، ودرجات الحرارة المرتفعة من جهة ثانية.
ولعل ما يثير الاستغراب حقيقة، كانت ردة فعل مسؤولي الهيئة على هذه الاعتراضات التي كانت مرتبكة وغير واضحة ولا منسقة، ما انعكس على الواقع مزيدا من التأزيم بين الطلبة، حتى سارع وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور محمد الفارس لإنقاذ الموقف وسحب فتيل الأزمة، من خلال مؤتمر صحافي عقده في اليوم التالي لغضب الطلبة. ولنا في تسلسل الأحداث تفصيل لبيان واقع الهيئة المضطرب في التعاطي مع هذه القضية الحساسة التي تمس مستقبل آلاف الطلبة من أبناء الكويت.
فيوم الثلاثاء أعلنت الهيئة نتائج القبول، ورافق إعلان الأسماء تصريح لعميدة القبول والتسجيل تؤكد فيه قبول جميع المتقدمين ممن تحققت فيهم شروط القبول، وأنه قد تم توزيعهم على الكليات حسب الرغبات التي كتبوها، ووفق المتاح من المقاعد في كل كلية من كليات التربية الأساسية الخمس، وأن المقبولين مثلوا شرائح متعددة من الشهادات القديمة والحديثة.
وفي صبيحة الأربعاء زحفت جموع الطلاب والطالبات الغاضبين، إلى مبنى الهيئة معترضين على النتائج، بين مرفوض لم يذكر اسمه، ومقبول في فرع لا يرغب فيه ولا يريده، وتكدس المعترضون في مبنى عمادة القبول والتسجيل، وغصت بهم صالة القبول، فيما وقف موظفو وموظفات العمادة عاجزين عن الإجابة عن أي سؤال، لتخرج عميدة القبول بتصريحين متناقضين في اليوم نفسه، ففيما أصدرت بيانا صحافيا تؤكد أن هناك عاملين رئيسيين كانا سببا في رفع نسب القبول، هما عدد المتقدمين الضخم من الطلبة، ومحدودية المقاعد في كليات ومعاهد الهيئة، فيما صرحت لجريدة «الراي» تصريحا خاصا تؤكد فيه تصريحها السابق الصادر مع أسماء المقبولين، بأن القبول كان لكل المتقدمين المحققين للشروط، وأنه لا مشكلة في القبول، وأن التكدس من الطلبة سببه تغريدة أطلقتها قائمة طلابية طلبت من غير المقبولين ومن لديه اعتراض بالتوجه إلى عمادة القبول.
وأمام هذا الاضطراب، وجد الوزير الفارس نفسه مضطرا للتدخل لمنع تفاقم الأمور، ولاسيما مع دخول أعضاء مجلس الأمة على الخط وتهديدهم بتصعيد الأمر أمام ما أسموه «التخبط والمحسوبية» في مسألة القبول، وتحميل الوزير المسؤولية، فقام بتبريد الموفق، عندما سارع إلى عقد مؤتمر صحافي أعلن فيه عن دراسة بإعادة فتح باب التسجيل لمن لم يقبل، ودراسة تظلمات المعترضين على نتائج قبولهم في فروع لا يرغبون فيها، وهي خطوة تحسب للوزير الذي حرص، كما صرح هو نفسه، على أن ينال كل طالب حقه في متابعة دراسته في الفرع الذي يرغب فيه إذا كان معدله يحقق الشرط المطلوب للفرع الذي يرغب فيه.
ويبقى الأمر لدى الهيئة، فهل تستطيع أن تستوعب الجميع؟ فقد كان عدد المقبولين في السنوات الماضية يتجاوز 12 و13 ألفا، فيما انخفض هذا العام إلى 9059 فقط، أي بانخفاض نحو ألفي مقعد على الأقل، فما سبب هذا الانخفاض؟ وهل المقاعد التي قبلت 13 ألفا العام الماضي وقبله قد تناقصت حتى وصلت إلى 9 آلاف فقط؟ أعتقد أن الأمر يحتاج إلى وقفة جادة وبشفافية ليثق الجميع بسياسات الهيئة، ويطمئنون لنتائج القبول، وهو مطلب الجميع. وبانتظار الخطوة المقبلة، بعد تصريح الوزير ومدير الهيئة في شأن تظلمات المرفوضين والمقبولين بتخصصات لا تناسبهم، لنحكم إن كانت الأمور عادت لنصابها.
وأما عن الهيئة وواقعها والطموح المأمول منها، فلنا في ذلك وقفة في مقالاتنا اللاحقة.
د. حمد العصيدان