كتاب أكاديميا

تخفيض بدل سكن المعلم الوافد | فاضل الطالب 

القرار الصادر من مجلس الخدمة المدنية الخاص بتخفيض بدل سكن المعلم الوافد بواقع 90 ديناراً، هكذا بجرة قلم وبشكل مفاجئ، هو باعتقادي قرار من سلسلة قرارات غير مدروسة، التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، كرفع الدعم عن أسعار الوقود، وبعدها منح الـ75 ليتراً، والحبل على الجرار كما يبدو، وهذا القرار سوف تكون له تبعات سلبية بلا شك على المعلمين الوافدين، الذين يشكلون ما نسبته %40 من إجمالي المعلمين والمعلمات في الكويت، وبعدد اجمالي نحو 24 ألفاً، خاصة اذا علمنا أن اسعار إيجار السكن هنا بالكويت تعتبر مرتفعة الى حد ما مقارنة مع دول الجوار، لذا فالتأثير سوف يكون على واقع العملية التعليمية بشكل عام.

ومما يؤلم حقيقة ان هذا القرار يعتبر اقتطاع جزء من راتب معيشي، بنى على أساسه هذا المعلم طريقة معينة لإدارة دفة حياته الخاصة، وبشكل يضمن له الحياة اليسيرة، ليتمكن من العيش على نحو مريح ومطمئن، وبالتالي يتمكن من تأمين الاستقرار النفسي له ولأسرته، وبإقرار «الفرمان» الجديد أصبح لزاماً عليه الحصول على بدائل أخرى، بعد ان أصبح متوسط الراتب بعد التخفيض 500 دينار، كاتخاذ قرار العودة الى حياة العزوبية، وذلك للتخلص من دفع إيجار مرتفع للشقة، ودفع الرسوم الأخرى، مثل التأمين الصحي والاقامات وغيرها، هذا من دون حساب تكاليف الحياة المرتفعة، وأيضا سوف يتجه للتركيز على حصول مدخول إضافي عن طريق إعطاء الدروس الخصوصية التي تمنعها الدولة، وغيرها من الامور التي حتماً سوف تسبب له ضررا نفسيا وضيقا للعيش.

وأعتقد ان اقتطاع جزء من راتب المعلمين يعتبر مخالفة قانونية، كون العقد المبرم مع الطرف الحكومي ينص على توفير السكن المناسب، ولا اعلم ما الآلية التي سوف يستند اليها المسؤولون لتنفيذ هذا العقد؟ وهل هناك سكن ملائم للمعلم بواقع إيجار 60 دينارا فقط؟ لذا لا أستبعد أن يرد القضاء قرار التخفيض إن تم رفع الامر اليه كباقي القرارات الحكومية السابقة وغير المدروسة. وليس أدل من التخبط الحكومي أن حبر قرار مجلس الخدمة المدنية بزيادة بدل السكن للمعلمات الوافدات، الذي صدر العام الماضي وبأثر رجعي ايضا، لم يجف الى الآن، فكيف يقلب الأمر رأسا على عقب في فترة زمنية أقل من عام فقط؟!

إن المجتمعات تتقدم بالاهتمام الكبير، الذي توليه لقطاع التعليم بجميع جوانبه، والمعلم يعتبر الرافد الرئيس له، وأي تأثير سلبي فيه سوف يشكل خللا واضحا على تكاملية هذا القطاع، الذي يعتبر الاهم في منظومة التنمية البشرية، ولذا رأينا الامم الحاضرة كيف تتسابق الى الاهتمام بالتعليم لكي تنتج جيلا مثمرا وبناء، وعندما سئل رئيس وزراء اليابان عن سر التقدم التكنولوجي عندهم، أجاب: «أعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي سفير ومكانة إمبراطور».

فاضل الطالب
Email: [email protected]

ftaleb@

نقلاً عن القبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock