أ.د. هشام العوضي يكتب: التعليم في مدارسنا
دعت الكويت في 1942 المستشار البريطاني ومدير المعارف في البحرين – وقتئذ – جيمس وكلن، لزيارة الكويت وكتابة تقرير عن وضع التعليم في الكويت واقتراح سبل تطويره. وبالطبع كانت الكويت في أولى مراحل تعليمها الحديث، وكان الطريق طويلاً أمامها، حتى أن سمو الأمير الشيخ احمد الجابر – رحمه الله – قال للمستشار البريطاني وقتها «لا تتوقع يا سيد وكلن أنك سترى إحدى كليات اكسفورد في بلدنا الكويت، فالخطة التعليمية لا تزال في أولى مراحلها».
وبعد العديد من الزيارات التي قام بها وكلن إلى مدارس الكويت كتب تقريراً ذكر فيه كل ما يخص التعليم: مصادره المالية والهيئة التدريسية والحالة الصحية للطلبة ومدارس القرى مقارنة بمدارس المدينة. ومما ذكر كان أسلوب التدريس وأهمية بناء شخصية الطالب. فقال في تقرير طويل ومفصل: من المهم ان نركز جيداً على أسلوب التعليم الذي يعتمد على بناء شخصية الطالب وإعداده الإعداد الجيد لمواجهة الحياة العلمية، وان يكون مطلعا على كل ما يدور حوله وليس حشر ذهنه باكبر كمية من المعلومات يرددها كالببغاء. فيجب ان نبتعد عن هذا الأسلوب العقيم الذي يفرضه بعض المدرسين على طلابهم، وهو ان يحفظوا دروسهم عن ظهر قلب دونما إتاحة المجال لهم للمناقشة ومعرفة الأسباب والمؤثرات، إذ أن أي معلومة عن الكهرباء مثلاً لن ترسخ في ذهن الطالب ما لم ير ويستوعب أبسط تجربة عن كيفية حصوله على الإضاءة من اللمبة مثلاً.
واكد وكلن في تقريره، الذي وقع في 20 صفحة، على ثلاث نقاط أساسية لتطوير التعليم في الكويت هي: أولاً – أهمية إثارة اهتمام الطالب بالامور التي تجري من حوله، ثانياً – تحفيز الرغبة للتعلم والمعرفة حتى خارج المدرسة، ثالثاً – دعوته إلى استيعاب وتفهم ما يحدث في حياته اليومية.
وقد مر على تقرير جيمس وكلن أكثر من 70 سنة تغيرت خلالها وتطورت أشياء كثيرة ولا مقارنة. ومع هذا فالمهارات التي ذكرها المستشار البريطاني ما زالت مطلوبة بل وأكثر من أي وقت مضى في القرن 21. فأدبيات التعليم وتطوير الذات لا تزال تتكلم عن أهمية بناء مهارة الفضول والتخيل والتفكير النقدي وحل المشكلات والتعلم في البيت والشارع والوظيفة ومدى الحياة، وعلى أهمية التركيز والانتباه لكل ما يجرى حولنا، خصوصاً مع تزايد تكنولوجيا المشوشات في حياتنا.
وهي جميعها مهارات لم تعد تعلم لأطفال المراحل المتوسطة أو الثانوية والجامعة، وإنما – في مدارس دول كثيرة – أصبحت تقدم للأطفال منذ مراحل عمرية أبكر.
أ.د. هشام العوضي