كتاب أكاديميا

الهجانة فى التراث والقمم العربية | قلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح

كنت قد تناولت من قبل الحديث عن التراث والهوية الخليجية وضرورة مواصلة عملية الإحياء والتجديد للروح والثقافة الشعبية الخليجية على كافة المستويات .

وقد كنت فى غاية السعادة منذ شهرين وانا اشاهد هذا الاستقبال الرسمى والشعبى الكبير فى سلطنة عمان لحضرة صاحب السمو الوالد الشيخ صباح الاحمد حفظه الله عندما حل ضيفا عزيزا على أخيه السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله وحرص جلالة السلطان على إبراز هذه الروح الوطنية التراثية للسلطنة والتى هى جزء أصيل من التراث العربى الخليجى بطابعه المميز حيث الزى العمانى بألوانه الجذابة واصطفاف النساء والاطفال والشيوخ على جنبات الطريق تحيى الضيف الكبير والذى يعكس روح الكرم والضيافة المتأصلة فى العمانيين حكومة وشعبا ولكم هزتنى هذه الاحتفالات الشعبية وذلك لأنها تعكس حب الشعب العمانى لتراثه وثقافته وهويته والتى جعلها عنوانا له وشعارا يقابلون به ضيوفهم تعبيرا عن المودة والترحاب ليس على المستوى الرسمى فحسب ولكن على المستوى الشعبى وبمختلف المراحل العمرية مما يعكس تلاحم وانسجام القيادة الحكيمة مع الشعب الكريم الودود .

لقد تميزت هذه الاحتفالات بالأهازيج الشعبية العمانية ورقصة العرضة والزغاريد واختتمت بموكب الفرسان والهجانة عند قصر العلم العامر ، وقد تكررت هذه الإحتفالات الشعبية المعبرة عن التراث العربى الفريد فى خصوصيته فى المملكة الأردنية الهاشمية عند إستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والذى حل ضيفا على أخيه الملك عبدالله للمشاركة فى القمة العربية مارس الماضى حيث تميز الاستقبال الرائع بفرق من الهجانة ترافقها الموسيقى العسكرية ونحر الإبل على جنبات الطريق وهو تقليد عربى قديم يعبر عن الترحاب الشديد بالضيوف .

ولا يتوقف هذا الاهتمام والإعتزاز بالتراث والهوية العربية والخليجية فى الفترة الأخيرة عند هذا الحد حيث وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان فى مطلع هذا الشهررسالة خطية لإخوانه أصحاب الفخامة والسمو حكام وقادة دول الخليج وذلك لحضور مهرجان الملك عبدالعزيز لسباق الإبل فى الرياض والذى تميز بحضور خليجى كبير يعكس حب الخليجيين لتراثهم وهويتهم وأصالتهم وثقافتهم وخاصة أن الإبل من الحيوانات التى لها مكانة وخصوصية فى نفوس العرب عموما والخليجيين بصفة خاصة ولما لا وهو المخلوق الذى اقترن اسمه بلفظ الجلالة فى القرآن الكريم (ناقة الله ) وهو يحمل على ظهره جغرافيا وتاريخ المنطقة العربية حيث الصبر والتحمل والوفاء والحكمة ،هذا الحيوان الأصيل بلون الصحراء والذى لطالما صال وجال في صحراء نضالنا ومعارك كرامتنا وحراسة حدودنا مع رجال الهجانة والذين نتمنى عودتهم لحفظ الأمن على حدودنا الواسعة وفى إحتفالاتنا الرسمية ومراسم إستقبال الضيوف وفى السباقات المثيرة كجزء لا يتجزأ من تراثنا وهويتنا .

ولقد اسعدنى حقا هذا الاهتمام الخليجى حكومة وشعبا بالتراث والهوية الخليجية فى الأشهر القليلة الماضية وخاصة على المستوى الشخصى حيث مشاركتى نوفمبر 2016 فى الدورة الرابعة للمنتدى الخليجى للاعلام السياسى تحت عنوان (الإعلام والهوية الخليجية ) والتى نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية هذه السعادة التى استمرت مرورا بمهرجان القرين الثقافى فى اواخر ديسمبر 2016 ثم مهرجان الجنادرية والعديد من المهرجانات والمسابقات الاخرى فى الامارات وقطر والتى تخللها كما ذكرت سابقا هذا الاستقبال الرسمى والشعبى ذو الطابع التراثى لحكام و قادة دول المنطقة وهى فعاليات تعكس صحوة ويقظة واهتمام بتراثنا وهويتنا وشخصيتنا الفريدة التى تميزحضارتنا وتاريخنا والذى دائما وأبدا نفخر فيه .

هذا الإعتزاز بالتراث والهوية هو الحصن الذى يجب أن نتحصن به ضد غزوات التغريب وعصر العولمة ، وهى كما نذكر ونكرر دائما ليست دعوة للإنعزال الدولى ومناهضة للحداثة والأخذ بأسباب العصر وتطوره ، ولكن الهوية والثقافة هى القاعدة الراسخة للحفاظ على مكونات أى أمة من التلاشى والذوبان والتهجين بينها وبين حضارات اخرى فتضيع الخصوصية والإنتماء للأرض والعقيدة وإرث الأجداد .

كل الحب والتحية والتقدير لحكام وقادة دول المنطقة ولشعوب منطقة الخليج على هذا الاهتمام بتراثنا وهويتنا وثقافتنا والتى نسأل الله تعالى أن تدوم ويتم الحفاظ عليها بالإحياء والتجديد ونحن نستطيع ذلك طالما الخير والوفاء متأصل فى نفوسنا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock