كتاب أكاديميا

قهقهة .. ثم عبوس! … بقلم: دلال العدواني

ألفٌ .. باءٌ .. تاءٌ ..

قف أخي المعلم، وقفا أيها الوالدين، ليس لنبكي على الأطلال ولا لنرثي حبيب، بل نقف وأنا معكم لنعود إلى لغتنا العربية الأصيلة، لا خير في أمة لا تعتز بلغتها ونحن بفضل الله نعتز بها. 
من هذا المنطلق أحدثكم عن أمر يحدث ولا نعرف عاقبته نرى ظاهره ولا نبحث عن نتائجه الخفية، تبدأ رحلة الطفل مع اللغة بوقت مبكر قبل دخول المدرسة بسنوات، وهذه السنوات لها أثر قد تجعل اللغة ضعيفة مختلة نطقاً وطلاقة في سنواته الأولى الدراسية ومن الاحتمال أن تستمر.
يحدث أن نسمع أب أو أم يتقهقهون على طفلهم ليس لأنه مهرج أو ممثل كوميدي بارع، بل لأنه نطق كلمة، كلمة واحدة وقد قلب حروفها أو أبدل حرف بحرف آخر أو حذف حرف منها .. إلخ، فالطفل لا ينطق ذلك متعمداً أو قاصداً للإضحاك، لكن قد يستمر بنفس النطق ليضحكهم، هو في الحقيقة لا يستطيع النطق الصحيح.
غفلتنا ومصيبتنا تكمن حينما نعزز هذا النطق غير السليم بردة فعلنا “الضحك” بدلاً من أن نردد على مسامعه النطق الصحيح ونكون نموذج سليم بالنطق بدلاً من العكس تماماً، هذا الأمر وإن كان يبدو مألوف وطبيعي جداً إلا أنه يترتب عليه عدم محاولة الطفل لمعرفة الصحيح ولن يقنع بأن نطقه خطأ، كما أن ذلك يغرس في نفس الطفل قيمة سيئة أخلاقياً وفي قمة الخطورة وهي: الطفل سيرى أن ما يفعله ويحدث ردة فعل حتى وإن كان فعله غير صحيح أو مضر مثلاً سيستمر فيه، أترى أيها الأب وأيتها الأم ماخطر قهقهاتنا؟

ثم يأتي دور المعلم الذي نحمل فضله ما حيينا فلولاه لم نتعلم كتابة ولا قراءة، لكن أي معلم هذا الذي يأتي الصباح ويدخل فصله فيجد أمام عينيه طلاب قد توفر لهم جميع الأجهزة الإلكترونية من أصغرها حجماً إلى أكبرها ومن أبخسها ثمناً إلى أغلاها، هذا معقول جداً في زمننا الراهن لكن غير المعقول لدي ولديهم كما أظن أن يدخل معلم فصله وهو لا يكلف نفسه عناء غير عناء التلقين، هذه استراتيجيته وهذه طريقته، ولا يجدد ولا يبحث عن ما ييسر له ولطلابه، وهذه الاستراتيجية التي كانت تصلح لأجيال عديدة هي لا تصلح لنا اليوم ولاتجد مكاناً بيننا اليوم، فما حال الطالب الذي لم يجد فهما لخصائص نموه لدى والديه ومعلمه لا يعرف من التعليم سوى التلقين؟ 
أين ذهبت كل التكنولوجيا التي تتعامل معاها أيها المعلم طوال اليوم؟ لماذا تتركها خلفك وتدخل فصلك مصطحب غضبك في وجه طلابك؟
التلقين منفر بحد ذاته، فكيف بطلاب جمع معلمهم التلقين والعبوس في وجوههم؟ 
لن أبرر لمعلمينا الكرام وإن كنت يا معلم لا تجيد التعامل مع التكنولوجيا فهناك العديد من الاستراتيجيات التي تريح نفسك من قهر التجهم و تضيف لحصتك المرح والمتعة، وإن كنت أيضاً لا تجيد ذلك اتركها لمن هم أفضل منك، أو اهدي طلابك الود والابتسام ولا تكن عبوس. 

بقلم: دلال العدواني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock