د.زيد الزيد يكتب: الكيرف داون بإحدى مؤسسات التعليم العالي الخاصة: الواقع والخربطة الأكاديمية
بداية، أودّ أن أنوه بأن هذه المقالة توضح بعض الحقائق فيما يتعلق التعليم العالي كواقع أكاديمي صحيح ومتفق عليه عالميا من جهة، ومن جهة أخرى الخربطة الأكاديمية وتحديدا في إحدى مؤسسات التعليم العالي الخاصة في ديرتنا الحبيبة الكويت. ولكن قبل أن أبدأ بتوجيه إنتباهكم أعزائي القراء للحديث عن الخربطة في هذه المؤسسة التعليمية، فإنني أود أن أشرح الواقع الأكاديمي الصحيح والمفترض أن يكون عليه التعليم العالي بأي مؤسسة تعليم عالي سواء أكانت في الكويت أو في العالم المتقدم، والسبب في ذلك أنني أريدكم أن تقارنوا ما بين: أولا، الواقع الأكاديمي الموجود في مؤسسات التعليم العالي المتقدمة؛ وثانيا، الخربطة الأكاديمية الفعلية في هذه إحدى مؤسسات التعليم العالي الخاصة بالكويت.أولا: واقعيا، إن التعليم الجامعي هو نظام تعليم يهدف إلى إعداد الموارد البشرية اللازمة لسوق العمل إعدادا جيدا وفقا لاستراتيجيات مرحلية مقصودة؛ وهو فعلا ما يجب أن تقوم عليه مؤسسات التعليم العالي. ولهذا نجد أن معظمها بدأت تنتقل من مؤسسات تعليم عالي تدريسية إلى مؤسسات تعليم عالي بحثية تلبية لمتطلبات ومعايير المنظمات العالمية في الاعتماد الأكاديمي وسوق العمل محليا وعالميا. لذلك مؤسسات التعليم العالي بدأت تعيد حساباتها بل إنفقت الكثير من المال استثمارا بهدف الحصول على مخرجات تنافس الآخرين محليا وعالميا معتمدة على أساسيات التميز العلمي وهدفها توفير فرص وظيفية لمخرجاتها ما إن قورنت ببقية المتسابقين على الوظائف في سوق العمل. ومن هنا نجد أن مؤسسات التعليم العالي المتقدمة قامت بإعادة هيكلة قطاعاتها الإدارية والمالية والعلمية والبحثية لصناعة نظام تعليم عالي متطور يواكب التطور المتسارع في حقل التعليم العالي وسوق العمل. كذلك، أريد أن أذكر وأركز أن تطور مؤسسات التعليم العالي عادة يبدأ بالشئون العلمية مدعوما بالبحوث ومعززا ماليا وإداريا. تحديدا، إن أعضاء هيئة التدريس حجر الأساس في مؤسسات التعليم العالي، حيث أن تتقدم وتزدهر الجامعات والكليات علميا وبحثيا بتقدم كوادرها التدريسية الأكاديمية. وهذا يتطلب وجود رؤية واضحة وفقا لاستراتيجية محددة الزمن والأهداف والمؤشرات لما تريد أن تكون به هذه المؤسسات التعليمية في المستقبل، بل يجب أن يكون أساسها الفكر العلمي المتقدم والمرتكز على مستجدات ونتائج البحوث العلمية العالمية ذات الممارسات المثبتة علميا، بالإضافة إلى التعامل الراقي القائم على أسس المساواة والعدالة والاحترام ما بين الإدارة وأعضاء الهيئات التدريسية الأكاديمية دون ترهيب وتحيز وتمييز وعنصرية سواء أكانت فئوية، عرقية، جنسية، أو دينية. والسبب في التركيز على الشئون العلمية وأهميتها في تطور مؤسسات التعليم العالي أنها معنية في التعليم والتعلم وفقا للممارسات التعليمية المثبتة علميا وكيفية توجيهها لتحقيق أهدافها المؤسسية المرحلية قصيرة المدى وطويلة المدى المتوافقة مع المعايير العالمية. ولو نظرنا إلى مؤسسات التعليم العالي المتقدمة علميا وبحثيا نجد أن مناهجها وبرامجها الأكاديمية تعمل بمنهجية صحيحة تهدف إلى تعليم استراتيجيات تمكن الطلبة من التعلم وحل المشكلات ذاتيا بشكل مستمر في كل الخبرات المواقف الجديدة في المستقبل. ولهذا صممت هذه المؤسسات التعليمية برامجها الأكاديمية بطريقة مبنية على أسس استراتيجية علمية تضمن استخدام الممارسات التعليمية المثبتة علميا، لكي لا يلجأ عضو هيئة التدريس إلى ممارسة التعليم التقليدي أو التجربة والخطأ التي ينتج عنها وجود مخرجات غير مؤهلة علميا ومهنيا. لذلك إدراك الشئون العلمية بأهمية دورها في تأسيس عمليتي التعليم والتعلم في مؤسسات التعليم العالي سيترتب على نتائج عالية تنعكس على مستوى وجودة التعليم العالي محليا وعالميا.ثانيا: الخربطة الأكاديمية، وهي المشكلة التي أريد أن أعرضعها عليكم في هذه المقالة، حيث أن مجموعة من الطلبة بإحدى مؤسسات التعليم العالي بدولة الكويت تعرض للظلم دون سبب فعلي. تحديدا، المشكلة هي عبارة عن أن أحد أعضاء هيئة التدريس قام بخصم بعض الدرجات من أعمال طلبته مؤسسا ومعللا هذا الفعل بالكيرف داون، وهو خفض درجات جميع الطلبة بنفس القدر في المقرر الذي يدرسه. حقيقة، هذا العمل أول مرة أسمع به، بل لا يستخدم إطلاقا في المؤسسات التعليمية. ولكن فعليا حدث هذا الأمر هنا بدولتنا الحبيبة الكويت. إن أسبابه مجهولة ولكن نواياه سيئة وظالمة لجميع الطلبة، خصوصا عندما نعلم بأن الطلبة فعليا حصلوا على هذه الدرجات بمجهودهم الشخصي، لأن الدرجات هي نتيجة عمل الطلبة وليس للأستاذ أي حق بها بل لا يملك أن يزيد أو ينقص منها شيئا. إن ما قام به هذا الأستاذ الأكاديمي يعتبر تشريع خاطئ لقاعدة أكاديمية جديدة في العملية التعليمية ايس فقط في حقل التعليم العالي بل بأي نظامي تعليم. من وجهة نظري، أن استخدام الكيرف داون يعتبر ممارسة خاطئة لعدة أسباب، أهمها ما يلي:(١) الكل، كأساتذة، في مؤسسات التعليم العالي يسعون إلى تحقيق الأهداف التعليمية بأعلى نسبة ممكنه لكي تعكس مستوى وجودة أداء التدريس ومخرجات التعلم، لذلك تجد الأستاذ الأكاديمي يخطط وينفذ ويقيم أداء التعليم والتعلم والمخرجات لتحديد المستوى والأداء والتحسين المستمر. إلا أن هذا الأستاذ لا يريد أن يحقق هذه الأمور، وهذا بعني أنه مصر على أن تكون مخرجات التعلم متدنية في المقرر الدراسي الذي يقوم بتدريسه، مما تشير بكل وضوح من ناحية علمية أكاديمية أنه لا يفقه شيئا في عمليات واجراءات التعليم. (٢) كيف يريد هذا الأستاذ أن يتطور أدائه التدريسي ومخرجات تعلم الطلبة ما لم يقم بتقويم التعليم وقياس ما حققه من أهداف تعليمية في المقرر الدراسي! كذلك هذا يؤكد لي وللكثير من الأساتذة الجامعيين بأن هناك خلل في العملية التعليمية بهذه المؤسسة التعليمية التي هو مشارك فعليا بجزء من عملياتها ونتائجها التعليمية.(٣) جودة التعليم بأي مؤسسة تعليم عالي يتم قياسها بمؤشرات المخرجات التعليمية التي هي بالأساس مرتبطة بمعايير وأهداف محددة، ولكن ما نراه فيما فعله هذا الأستاذ الأكاديمي أنه لا يوجد جودة تعليم ولا رغبة في التحسين في نظام التعليم ومخرجاته بهذه المؤسسة التعليمية. إن هذا فعليا يدل على أن هذه المؤسسة التعليمية أثبتت بالدليل بأن لا وجود للجودة في التعليم الذي تقدمه للطلبة والمجتمع والدولة.(٤) أليس من الظلم سلب حق الطلبة خصوصا بعد الفترة الزمنية التي استغرقت في تعلم المعارف والمهارات والتوجهات، علما بأن من يقوم بفعل مثل هذا الكيرف داون يعطينا فكرة بأنه لم يدرس ولم يتعلم الطلبة وأن درجات الطلبة النهائية هي درجات وهمية، أي أنها غير حقيقية وبالتالي لا يستحقها الطلبة. إذاً لا يوجد تعليم أساسا في هذه المؤسسة التعليمية الخاصة!أخيرا، أرجو من مجلس الجامعات الخاصة اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية واللازمة لإصلاح هذا الخلل بهذه المؤسسة التعليمية، بالإضافة لمراجعة البرامج الأكاديمية ومناهجها وتقييمها بشكل علمي مع قياس مدى تأثيرها على جودة التعليم العالي بالكويت وسوق العمل لكي لا تكون مؤسسة تعليمية الهدف منها الربح المالي فقط وبالتالي يتضرر منها الجميع كمجتمع وسوق عمل ودولة. أعتقد أن الابتعاث الداخلي لهذه المؤسسة التعليمية الخاصة يجب أن يتم تعليقه لفترة حتى يتم التأكد من سلامة نظام وممارسات التعليم المتبع بها.د/ زيد الزيدكلية التربية – جامعة الكويت@dr_zaid_edu
