كتاب أكاديميا

القضايا التربوية .. وغيابها عن البرامج الإنتخابية | عبدالله العازمي

لا شك أن الكل يعلم بأهمية التعليم، ولكن هل معرفتك بالشيء يكفي أن تقدر أهميته؟ وهل معرفتك بالشيء يثبت أنك تهتم به؟! لعل الواقع الكويتي يجيب على هذه التساؤلات، فكل كويتي بدء من أفراد الشعب إلى المسؤولين في وزارة التربية يعلمون بأهمية التعليم، بل أن ميزانية وزارة التربية سنوياً تقدر بأكثر من 1.7 مليار دينار كويتي، أيّ بمقدار ما تصرفه فنلندا على تعليمها، وهذا لم يمنعها من أن تحصل على المركز 104 عالمياً وفق تقرير «المنتدى الاقتصادي العالمي» الذي شمل 144 دولة. وما يزيد الأمر سوء هو أن الكويت تتساوى مع أنغولا وبوتسوانا وهندوراس ومنغوليا في مراحل انتقال الدولة من تحفيز النمو إلى الابتكار!!

أظهر التقرير السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2014-2015 وجود خلل هيكلي في حقل محفزات الكفاءة، وغياب العلاقة الإيجابية بين ما يتم إنفاقه من أموال مقابل النتائج خصوصا على الصعيد التعليمي. ويؤكد هذا الخلل تصريح وزير التربية قبل يومين من أنه فور إستلامه للوزارة وجد أن قيادات وزارة التربية والمتخصصين في جامعة الكويت بلا خطط تربوية أو رؤية تعليمية واضحة.

الجدير بالذكر، أن بريطانيا مازالت تمشي وفق خطة تعليمية تم تشكيلها منذ 10 أعوام، والرؤية التي وضعت لا تتغير بسبب تغيير الأشخاص، وإنما دور الوزير والقيادات الجدد هو التأكد من سير العملية وفق الجدول الزمني المخطط له. ليس كما هو حاصل عندنا من أن كل عام ونصف أو عامين ننتقل من “الفلاش” لـ”التابلت” إلى منهج الكفايات، ويستمر هذا المسلسل لسنوات عديدة بتخبطات وقرارات عشوائية تتم وفق منظور ضيق بلا دراسة متأنية ودون تشكيل لجان متخصصة تشخص وتحلل الحالة لتأتي بنتائج وفق المعطيات الحالية وتبني استنتاجاتها على واقع التحليلات التي درست الوضع التعليمي.

وما يزيد هذا الأمر سوء هو أنني ولهذه اللحظة لم أجد أن قضايا التعليم بارزة في البرامج الإنتخابية للمرشحين في انتخابات مجلس الأمة، هل هذا يدل على عدم الإهتمام؟ وهل القضايا التعليمية لهذه الدرجة لا تستحق الإهتمام؟! وهل اسلوب التلقين هو الحل المناسب لبناء جيل شبابي واعي قادر على التحليل الذاتي والتفكير النقدي؟!

تقول الكثير من النظريات التربوية أن أساس الدول المتقدمة قائمة على تطور التعليم، بل وأن عالم الإقتصاد الأمريكي جاري بيكر يقول وفق نظريته human capital أن للتعليم ربط مباشر مع النمو الإقتصادي للبلد. ويؤكد على ذلك كلام الباحث والفيلسوف أندي هارقريفز أن من علامات الدولة المتقدمة أن يكون التعليم العام جيد، وأن يكون التعليم العام (لا الخاص) هو المصدر الأساسي للطلاب المتعلمين والمتمكنيين. ويبدو من ذلك أننا بعيدين كل البعد عن الواقع الصحي والصحيح.

القضايا التربوية والمشاكل التعليمية في الكويت أكثر من أن تحصى، فيكفي أننا في أخر الركب في التقييم الخليجي والتقييم العربي وكذلك العالمي في جودة التعليم، طلبة الجامعة والتطبيقي يعانون من مشاكل الشعب المغلقة، بالإضافة لتردي أوضاع التدريس في المؤسستين الحكومتين الوحيدتين في الكويت. للأسف تحول أغلب القطاع الخاص من مدارس وجامعات إلى سوق تجاري، حتى أن الوزير الحالي وصف بعض الجامعات الخاصة على أنها أدنى من مستوى التعليم الثانوي!

هل هذه القضايا لا تكفي لتكون هناك ثورة حقيقية لغربلة الأمور وإعادة ترتيب الأوراق في الجانب التعليمي الكويتي. الكويت أُرهقت بمشاكل التعليم، وللأسف الكثير يرى أنه لا يهم في التعليم سوى الحصول على الشهادة، غير مكترثين إلى أن جودة التعليم تنشىء البلد وتشكل مستقبله، وأن التعليم أساس تكوين الإنسان ومن خلال نشكل فكره وأطباعه.

المرشحين الحاليين منشغلين بتخليص المعاملات والحديث عن القضايا التي تكسبهم الأصوات فقط، فهم يبحثون عن ما يدغدغ المشاعر من هتافات فارغة وشعارات جوفاء. قال لي أحد الأصدقاء، يفترض أن المجلس القادم يكون نصفه من الأساتذة والدكاترة والتربويين، رغم بُعد هذا الحلم إلا أن واقعنا ما يكون أحواج له.

نحتاج في المجلس القادم نواب قادرين على تقديم حلول جذرية وواقعية لما نعيشه من وحل تعليمي عقيم، في حال إصلاح التعليم والبيت الأكاديمي فبلا شك سيصلح تلقائياً أمور كثيرة في البلد، لأن التعليم هو اللبنة في بتشييد البلدات.
==========

فقط للعلم .. يعتمد تحديد مركز الدولة في التنافسية العالمية، كما ذكرنا أعلاه، على 12 مرتكزا هي:

1 – المؤسسات

2 – البنية التحتية

3 – البيئة الاقتصادية الواسعة

4 – الصحة والتعليم الابتدائي

5 – التعليم العالي والتدريب

6 – كفاءة سوق السلع

7 – كفاءة سوق العمل

8 – تطوير الأسواق المالية

9 – الجاهزية التقنية

10 – حجم السوق

11 – تطور الأعمال التجارية

12 – الابتكار

عبدالله العازمي

باحث دكتوراه في جامعة اكستر، انجلترا

رئيس تحرير جريدة أكاديميا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock