محمد الكندري يكتب .. يا معين الغافلين
في رمضان عام ٢٠٠٠ عندما كان عمري سبع سنوات، كان رمضان ولا زال يعم بالعديد مِن المسلسلات والبرامج، لكن من كان بعمري قد لا يفهم الحياة ولا يعي معنى قصص المسلسلات
ولا أهداف البرامج.
أتى رمضان في ذلك العام بعد سلسلة كبيرة مِن المسلسلات الرائعة، كالقرار الأخير ودارت الايام ودروب الشك، ليأتي هذا العام بشيء مختلف اسمه “مسرحيات ٢٠٠٠”؛ دعوني أذكركم بأني لا أفهم ما يدور من قصص بالمسلسلات والمسرحيات، لكني كنت جدير وبارع جداً بحفظ مقدماتها، فأتذكر حينها كانت تقول “الدنيا مسرح بس مسرح، مسرح كبير يا تحزن فيها أو تفرح، جايز ويصير، جايز ويصير” كنت بيني وبين نفسي أجلس لأفسر المعنى فهل أنا وعائلتي وهذا البيت والسيارات والشوارع فوق خشبة كبيرة؟ إذاً أين الجمهور؟
وبعد ١٥ سنة عرفت معنى هذه الكلمات، هناك ممثلين ومنظمين ومؤلفين وجمهور، وهناك ناس بيننا يعيشون وسطنا ويحبوننا، أو يقولون أنهم يحبوننا ويتداعون بالاهتمام، بارعون في دموع التماسيح وترتيب الكلام وقذف الاتهامات وتصديق المسرحية، بارعات هن النساء خاصةً في لف عقول الرجال، عفواً مرة أخرى “الذكور” ودورانها حتى لو كانوا “رجالك الي تشد فيهم الظهر” أو اعتقدت بذلك الذين عطيتهم كل ما تملك لكنهم باعوك من أجل كلام هو كلام.
وفيها منظمون ينظمون حسن سير المسرحية بكل يسر واستكمال، وهم الذين يدخلوك ويخرجوك ويضعوك بالمكان الذي يجب أن تكون فيه غصباً عنك وبإرادتك.
وهناك مؤلفين، وهؤلاء هم أبطال أي قصة ومسرحية، أبطال لكنهم خلف الكواليس، يجلسون يفكرون ومرات لا يحتاج يجلسون للتفكير، حيث يكفي عامل الخبرة والجبروت والطغيان، هم من يفكر كيف يضعون الشخص في هذا المكان، حيث يدخلونه أماكن لا يريدها ويجعلونه يعمل أشياء لم يعتاد على فعلها.
أما الجمهور، فالجمهور هم الطيبون “المقصوص عليهم” الذي دخل برغبته وماله وثقته، أنت الجمهور الذي تضحك تبكي تنقهر وتبي تنتقم تبكي على طيبتك، على حالك، أنا من فعلت بنفسي هذا، وأنا من وطى بقدمه إلى هنا، معقولة كنت مجنون وغبي؟ نايم حلم واقع ؟
معقولة هذا الذي أحببته، هذا ولد عمي هذا أخوي؟
المشكلة مو بالمسرحية، المشكلة فيهم مو فينا، هذا مرض يحصلون يعملون ما يريدونه، أي يمكن لكن ليسو مرتاحين وليسو سعداء، حتى لو بيَّنوا هذا الشيء، وإن استمر وعد استمراره مو طويل والدنيا تدور، المضحك أنهم يعتقدون أن هذه “اللعبة” ليست مفهومة أو واضحة، الرسالة واضحة لهم وهي “يا معين الغافلين”؛ المشكلة ليست بك وأنك عطيت بأصلك وتربيتك، لكن المشكلة فيمن أعطيت لهم ذلك!
يا معين الغافلين
بقلم: محمد الكندري