بقرة ودجاجة ومزرعة.. وشهادة مضروبة | بدر البحر
الجهل اعتقاد جازم لا يتفق مع الحقيقة، ويخالف أصل الأشياء، وقد راج الجهل في زماننا، وله منافع تجعلك تعيش بسلام مع المحيط الذي أنت فيه. وفي القدم يئس أهل العلم والفراسة من الجهل فقال أبو العلاء المعري:
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا
تجاهلتُ حتى ظُنٌّ أني جاهلُ
وقال عنتر بن شداد:
وإذا بُليتَ بظالمٍ كُنْ ظالماً
وإذا لقيت ذوي الجهالةِ فاجهلِ
وعليه ننصح هذه الأيام بالجهل في الاقتصاد، وليكن جل فقهنا فيه هو كيفية مكاسرة البائع ومشوار الجمعية الاسبوعي. فالاقتصاد العالمي راكد وينكمش وعلى شفير انهيار، وأميركا تطبع الأموال من غير غطاء ذهب، وتضخ في اقتصادها وكأنها تزور العملة، وموازنتها منهكة بالديون، وثاني أكبر اقتصاد عالمي في أوروبا مريض وألمانيا التي تعتبر الأفضل تنزلق صادراتها ومؤشراتها الصناعية الى الأسوأ. أما الصين، أكبر دائن لأميركا، فاقتصادها منهك وسيجرّ معه العالم.
ونذكر أن «مجموعة العشرين» التي تضم أقوى الدول الاقتصادية حاولت إنعاش الاقتصاد العالمي في القمة التي مرت ذكراها يوم أمس من عام 2009 بضخ تريليون دولار، إلا أنه من الواضح أنها لم تفشل فقط في خطتها، بل انهارت اقتصاداتها هي أيضاً، فهل صار واضحاً ما نود شرحه؟
إذاً كيف هو حال اقتصادنا الريعي والدول المحيطة بنا؟ فنحن نواجه حروباً لم تنقطع وهامش عجز كبير في التنمية رغم مرور خمسة وخمسين عاماً على تصدير النفط، حيث يصادف يوم أمس تصدير أول شحنة من نفط من حقل الخفجي البحري في المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت إلى اليابان، وذلك بحضور الملك سعود بن عبدالعزيز والشيخ عبدالله السالم.
في حوار مهني مع واحد من خبراء المال منذ يومين، خلصنا إلى نتيجة، أن الاقتصاد العالمي، وهو على شفير حافة هذه الأيام، معززاً بالحوادث الإرهابية التي تضرب يمنة ويسرة، وبفقد العملات لقيمتها الشرائية، ولا عزاء للدينار، سيكون الانسان أكثر أماناً على حياته في المستقبل عندما يمتلك بقرة ودجاجة ومزرعة.
***
في خبر نُشر الجمعة بالزميلة «الراي»، أن خمسة أعضاء في مجلس الأمة قدّموا اقتراحاً بقانون يقضي بتجريم المنتحلين لصفة الضباط والأطباء والشيوخ، وأصحاب الشهادات المزورة، ومن يحصل على وظيفة بشهادة غير معتمدة، وذلك بالحبس ثلاث سنوات، وغرامة خمسة آلاف دينار وتتصاعد العقوبة بتكرار الجرم.
لا ندري في الحقيقة إذا كان هذا هو تعديل على مقترح القانون الذي تقدّمنا به للمجلس منذ أشهر أم غيره، والأهم أننا نأمل إقرار أي منهما لما فيه المصلحة العامة، فحتى لو انهار اقتصاد العالم وأصبح كل منا يملك بقرة ودجاجة ومزرعة، فالعلم الحقيقي جدير بإعادة البناء وليس أصحاب الشهادات المضروبة.
***
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
بدر البحر
[email protected]
المصدر: القبس