أ. د. فيصل الشريفي يكتب :قانون التحرش الجنسي… ما له وما عليه
قانون التحرش الجنسي… ما له وما عليه
كتب المقال أ. د. فيصل الشريفي
ترفض المجتمعات الإنسانية التحرش بكل أشكاله لما لهذه الممارسة من آثار مؤذية نفسية تستمر لفترات طويلة وقد تغير من حياة الضحية إلى الأبد، لذا لم يكن تفاعل المجتمع الكويتي مع قضية التحرش الجنسي بمستغرب.
قبل الدخول على خط المؤيدين لإصدار قانون خاص للتحرش أو الرافضين له علينا أن ننظر إلى النصوص الموجودة بالقانون الكويتي إن كان فيها بعض القصور والتي من شأنها السماح للمتحرش بالمضي بفعلته دون مساس.
ذهب معظمهم المختصين إلى أن النصوص القانونية رادعة متى ما ثبتت واقعة التحرش في حين البعض الآخر يرى ضرورة إجراء بعض التعديلات لسدّ الفراغ التشريعي، إلا أن قضية التحرش تظل أخلاقية تقع مسؤوليتها على المجتمع الذكوري والأنثوي.
وبما أن لكل مجتمع خصوصيته فمن الطبيعي أن تكون له هوية أخلاقية تستمد جذورها من الأعراف والتقاليد الاجتماعية والدين الإسلامي والتي فصلها القرآن الكريم في سورة النور، حيث أمر الله الرجل والمرأة على حدٍ سواء بكف البصر والالتزام بالحشمة وعدم فسح المجال للإثارة الجنسية.
قال تعالى: «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
التخوف من التوسع في إصدار تشريعات خاصة بالتحرش بشقيها اللفظي والحسي قد لا يكون الحل إن لم يعمل كمجتمع على بناء قاعدة الأخلاق والالتزام بالأعراف المجتمعية والدينية والتي قد تكون نتائجها أكثر إيجابية من القوانين الوضعية.
التحرش الجنسي قضية أزلية لا يمكن القضاء عليها بالكامل لكن من الممكن خلق وعي مجتمعي بعد معالجة بعض الظواهر السلبية ذات الصلة بانتشار تلك الظاهرة ومنها:
– الانفتاح على الحضارة الغربية على عالم الموضة والجمال وتأثر معظم الشباب بالسلوكيات السلبية لمشاهير السوشيال ميديا والفاشينيستا وتقليدهم الأعمى لهم.
– تبني بعض مدعي المعرفة مفهوم الحرية الشخصية بشكل خطأ.
– انتشار تعاطي المخدرات والخمور بين المجتمع خصوصا بين الجموع الشبابية.
– انتشار المواقع الإباحية على مواقع التواصل الاجتماعي.
– ضعف الرقابة المجتمعية والأسرية على ما تحتويه الأجهزة والهواتف الذكية عند الأطفال والشباب، خصوصا فيما يتعلق بألعاب الفيديو وما فيها من عدوانية.
– ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
– الترف الزائد مع غياب الرقابة الأسرية.
الانفتاح على الغرب لا يعني التخلي عن القيم الأخلاقية والموروث الاجتماعي الديني وربط هذا الانفتاح بالحريات قضية نسبية، ولمواجهة ظاهر التحرش الجنسي يقتضي من المجتمع مكافحة جذور المشكلة وألا يكتفي بسن القوانين، فكم من قانون كان سبباً في تدمير مستقبل أبنائنا.
ودمتم سالمين.