الشهادات المضروبة (2 ــــ 3) .. تخريبٌ.. لمستقبل الكويت! د. معصومة إبراهيم
إزاء معضلة «وباء» الشهادات المزورة، بادر وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى بمخاطبة جميع الجهات الحكومية، لرصد أصحاب الشهادات الجامعية الوهمية والمزيفة الصادرة عن جامعات غير موثوقة، كما أمر بتشكيل لجنة تحقيق في هيئة التعليم التطبيقي للغرض ذاته، وهو الأمر الذي لقي مناصرةً برلمانية ومساندة من أصحاب الضمائر الوطنية المحاربين للفساد عموما ـــ والتربوي خاصةً ـــ خشية على مستقبل الكويت.
وقد أعلنت المديرة العامة للجهاز الوطني للاعتماد الاكاديمي وضمان جودة التعليم في اجتماع اللجنة التنسيقية للشبكة الخليجية لدول مجلس التعاون الخليجي، الدكتورة نورية العوضي، اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة قضية الشهادات المزورة والوهمية، من بينها وضع معايير ولوائح لمكافحة الظاهرة المدمرة، كما أن جسامة الأمر استدعت توقيع اتفاقية خليجية للحد من الشهادات المزورة في التعليم العالي (القبس 16 فبراير 2015)، كما صرحت بأن «الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم يعتمد شهادات الجامعات الملتزمة بنظام الحضور المنتظم فقط، ويشترط أن يكون مستوى برامج التخصص التي تقدمها الجامعات متميزا قياسا لقوائم التصنيف العالمية المعتمدة، منعا للحصول على شهادات مضروبة» (الشاهد 12 يناير 2016). ولأن القضية هي مشروع وطني لبناء الأمة وضرورة حتمية للتأسيس للمستقبل، فهناك توجه لدى الوزير بتشكيل لجنة تحقيق في جامعة الكويت، مناظرة للجنة التحقيق المشكَّلة في هيئة التعليم التطبيقي، ترمي إلى التحقيق في شهادات الأساتذة، والتيقن من مصداقيتها، وفرز السليمة منها، وإقصاء المزورة والمضروبة، إلى جانب متابعة الإجراءات والأسس لحصول بعض الأساتذة على شهادات الماجستير والدكتوراه من جامعات نزيهة (السياسة، 22 يناير 2016).
وعندما أصدر الوزير أوامره بالتحقيق في ظاهرة الشهادات المزوّرة، وفتح الملف في هيئة التعليم التطبيقي، كان يستند إلى أدلة على وجود 20 أستاذا شهاداتهم مزورة، بينما حصل آخرون على مناصب قيادية، وهم يحملون شهادات غير معترف بها وغير معتمدة، ما اقتضى إحالتهم إلى القضاء. وفي هذا السياق رصد ديوان المحاسبة أن الهيئة عينت أساتذة بشهادات مزورة من جامعة أثينا مخالفة للقرار الوزاري القاضي باعتماد شهاداتهم قبل السماح لحامليها بالعمل (القبس، 26 ديسمبر 2015).
ومما يدل على ق.دم هذه الظاهرة وتجذرها في تربة تعليمنا العالي، ما صرح به النائب البرلماني الفاضل فيصل الشايع لصحيفة الشاهد (6 يناير 2016) عن اكتشاف 200 شهادة مزورة تخص أعضاء في هيئة التعليم التطبيقي، مؤكدا أنه سبق أن تقدم بسؤال برلماني في مجلسي 1999 و2006 عن الشهادات الوهمية، وكيفية الحصول عليها من دون إجازات دراسية، وأن محاولتيه باءتا بالفشل في الحصول على إجابة، مما دفعه إلى إعادة تقديم السؤال البرلماني مجددا في مجلس 2014 إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ليوافيه هذا الأخير بأن هناك أكثر من 5 آلاف و768 شهادة حصل عليها أصحابها بغير إجازة دراسية!
وهنا لا بد من استنفار ما شئنا من علامات الاستفهام: إذا كان يُشترَط في مبتعثي «التطبيقي» أن ينتظموا في الدراسة حضوراً وليس بالانتساب، وأن يلتحقوا بجامعات معتمدة من الهيئة (وفقاً لتعديلات القرار 1340 لسنة 1999)، فمن منح الهيئة صلاحية اعتماد شهادات مخالفة لهذا الشرط؟ أليس هذا تخريبا لمستقبل المجتمع بأسره؟!
ونُكمل في المقالة المقبلة.
القبس