كتاب أكاديميا

د. كريم درويش ود. فيصل فاروق يكتبان: وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا وفيروس كوفيد-19



تؤدي مختلف أشكال التكنولوجيا دورًا رائدًا في استجابة قطر والعالم على نطاقٍ أوسع لفيروس كوفيد-19، بداية من نشر معلومات مهمة، إلى المساعدة في إجراء البحوث والمشاريع التنموية، التي من المحتمل أن تساهم في إنقاذ الأرواح. وفي هذا الحوار، يستعرض خبراء من معهد قطر لبحوث الحوسبة، التابع لجامعة حمد بن خليفة، كيف تتعامل منصات وسائل التواصل الاجتماعي مع انتشار المعلومات الكاذبة، ومساهمة الذكاء الاصطناعي في الأنشطة البحثية، وغيرها من الأمور الأخرى.
وسائل التواصل الاجتماعي “منصة” واضحة للمعلومات الكاذبة ونظريات المؤامرة. هل لاحظتم شيئًا مختلفًا حول انتشار المعلومات المزيفة بخصوص فيروس كوفيد-19؟
تشتمل المعلومات الكاذبة المتعلقة بفيروس كوفيد-19 على نظريات المؤامرة، ووسائل العلاج المزيفة، والدوافع السياسية المشكوك فيها. وتتضمن المؤامرات الشائعة اقتراحات بأن الأعراض ناتجة عن غاز السارين وأن أبراج الجيل الخامس هي السبب وراء الطفرة الجينية للفيروس. وتزعم نظريات أخرى أن الفيروس عبارة عن خدعة مصممة لإخضاع الناس وتتبعهم، أو عمل عصابة سرية مصممة على القضاء على السكان لإنقاذ البيئة. وتشمل آثار هذه الشائعات خلق شعور بالعجز والتهاون بين المجتمعات.
وتعج وسائل التواصل الاجتماعي حاليًا بالعلاجات الغريبة لفيروس كوفيد-19. وقد قيل، على سبيل المثال، إن الكحول، والتبغ، وحتى بول البقر، وسائل مفيدة لعلاج أعراض الفيروس. ويُعدُ تسييس الفيروس أمرًا مثيرًا للجدل على حد سواء، إن لم يكن أكثر إثارةً. فعلى سبيل المثال، روَّج أنصار دونالد ترامب في البداية روايةً تقول إن الليبراليين كانوا يبالغون في تضخيم آثار الفيروس لتقويض دعم الرئيس الأمريكي. بالمثل، أرجع أتباع ناريندرا مودي انتشار الفيروس في جميع أنحاء الهند إلى جماعة التبليغ الدعوية الإسلامية، بعد أن ثبوت إصابة بعض أعضائها بالفيروس في أعقاب تجمع ديني.

ما مدى فعالية الجهود العالمية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتبديد الخرافات وتوفير مصادر معلومات موثوقة بشأن فيروس كوفيد-19؟
دأبت منصات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك، وتويتر، ويوتيوب، على توجيه المستخدمين إلى موقع منظمة الصحة العالمية للحصول على معلومات موثوقة بشأن الفيروس. وتسلط أبحاثنا أيضًا الضوء على أن العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي كانوا يبددون الشائعات، ويشككون في مصداقية بعض المصادر بفعالية. وهذه علامة إيجابية.
وقد لاحظنا أيضًا أن منصات الوسائط الاجتماعية المفتوحة حققت نجاحًا أكبر في الحد من انتشار الأخبار والشائعات المزيفة مقارنةً بنظيراتها من برامج المراسلة، مثل برنامج الواتس آب. بالمثل، أنشأت العديد من هذه المنصات برامج متخصصة تدقق المعلومات المستمدة من المقالات، والأخبار، والمنشورات المؤسسية، مع توفير إمكانية الوصول إلى المعلومات الموثوقة بطريقة موحدة. ومع ذلك، فقد شقت بعض الشائعات طريقها على مواقع التواصل الاجتماعي بمعدل مثير للقلق. ويعلم المرء أنه في مشكلة عندما يتلقى نفس الفيديو الذي يشير إلى شائعة معينة أو نظرية مؤامرة عدة مرات على برنامج الواتس آب.

يستدعي فيروس كوفيد-19 طرح كميات كبيرة من البيانات بشكل يومي، قد يكون بعضها مفيدًا لتطوير علاجات جديدة. كيف تعمل التكنولوجيا مع البيانات الضخمة للعثور على المعلومات المهمة وتمييزها؟
الإجابة ببساطة هي أن التكنولوجيا تعمل مع البيانات الضخمة للعثور على المعلومات المهمة وتمييزها بطرق مختلفة. فعلى سبيل المثال، تُستخدم البيانات الواردة من الدول الآسيوية التي تحملت العبء الأكبر لفيروس كوفيد-19 في دراسة نماذج الأوبئة في مكان آخر. وتساعد هذه البيانات أيضًا في دفع السياسات التي تغطي قضايا التباعد الاجتماعي والإغلاق الكلي، بالإضافة إلى فرز المرضى واختبارهم. بالمثل، تُصمم الخصائص الوبائية مثل المخاطر النسبية لدى مجموعات مختلفة، وبروتوكولات التدخل والعلاج، وتُحدَّث بسرعة. ولم يكن الكثير من هذا ممكنًا بدون الوصول إلى كميات كبيرة من البيانات، التي يمكن استخدامها لضبط الفرضية ومعالم النموذج.
بالمثل، تُختبر العديد من الأدوية التجريبية أو تلك المعتمدة لأمراض أخرى على المرضى، بموجب معايير الاستخدام الرحيم. وقد نتج عن ذلك إجراء عدد كبير من التجارب، وإنتاج كميات هائلة من المؤلفات، وطرح بيانات سريرية جديدة. وتُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها من تقنيات استخراج البيانات للتوصل إلى رؤى من هذه البيانات للإجابة على الأسئلة العلمية ذات الأولوية العالية. فعلى سبيل المثال، أصبحت مجموعة البيانات البحثية المفتوحة لفيروس كوفيد-19، الصادرة عن مؤسسات مختلفة، الآن جزءًا من دعوة استراتيجية للمجتمع العلمي من البيت الأبيض لتقديم مساهمات. ويشمل ذلك اكتشاف علاجات جديدة أو الاستخدام غير المصرح به للأدوية المعتمدة.

كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي حاليًا للكشف عن فيروس كوفيد-19، وعلاجه، والوقاية منه؟ وهل هناك أي تقنيات “قيد التطوير” قد تكون مفيدة؟
تُطبق تقنيات الذكاء الاصطناعي حاليًا على جوانب مختلفة للوباء. فعلى سبيل المثال، نشرت الصين أداة إشعاعية، توظف الذكاء الاصطناعي، وتستخدم صور الأشعة المقطعية لتشخيص الإصابة بفيروس كوفيد-19. وقد ساعدت هذه الأداة الصين في التغلب على النقص في معدات الفحص، التي لا تزال تُمثل الممارسة المتبعة داخل المجتمع العلمي. كما استُخدمت متغيرات تقنية الذكاء الاصطناعي لتحديد وتتبع موجات التفشي المحتملة للفيروس ومجموعات الأمراض، وتتبع المرضى الذين يدخلون إلى الحجر الصحي والعزل الذاتي كذلك.

ويستخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي كذلك لتحديد الأدوية الجديدة والمرشحة للاعتماد الموجودة بناءً على التركيبة الجزيئية وتفاعلات البروتين. ورغم أن هذا لا يلغي الحاجة إلى الاختبارات المعملية، فإنه يسرّع بشكل كبير من جيل الأدوية المرشحة للاعتماد. وفي مكان آخر، تستمر البحوث للتوصل إلى نهج قائم على البيانات، بهدف التنبؤ بالنقاط النهائية المختلفة مثل الشدة، وطول فترة التعافي، والوفيات. وفي حال نجاح هذا النهج، فسسوف يثبت أنه مفيد للغاية في المواقف التي يكون فيها الاستخدام المناسب للموارد أمرًا بالغ الأهمية.

  • الدكتور كريم درويش هو عالم رئيسي متخصص في تقنيات اللغة العربية بمعهد قطر لبحوث الحوسبة.
  • الدكتور فيصل فاروق هو رئيس قسم أبحاث الصحة الرقمية بمعهد قطر لبحوث الحوسبة.
    ملاحظة:
    هذا المقال مقدَّم من إدارة الاتصال بجامعة حمد بن خليفة نيابةً عن الكتاب. والآراء الواردة في هذا المقال تعكس وجهة نظر الكتاب، ولا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي للجامعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock