كتاب أكاديميا
قبيلتي في جامعتي!
التزكيات التي تقوم بها مجموعات طلابية قبلية في الجامعة لاختيار أحد أبنائها ليمثلها في الانتخابيات الطلابية ظاهرة ليست بالجديدة في العمل النقابي الجامعي، وربما كانت هي أوضح في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، لكن ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو في استشرائها وظهورها بشكل علني فج، وتمددها لتشمل قبائل كثيرة، وانتقالها لكليات عدة، حتى وصلت لكلية الشريعة، مما أدى الى «تطبيعها» كسلوك وثقافة بين أوساط الطلبة، لدرجة عدم استنكارها بشكل واضح من القوائم الطلابية (ربما لأنها مستفيدة)، ولا كذلك من المؤسسات التعليمية، ولا حتى من قبلنا نحن أعضاء هيئة التدريس، والذين نحتك بطلبتنا وطالباتنا بشكل يومي ومستمر!
ولنتفق، من البداية، على أمر واضح وبين، وهو أني أدرك جيداً طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه، وأعي تأثير فكرة الانتخابات الفرعية في انتخابات مجلس الأمة، على العمل النقابي الطلابي، وأعلم ان الثقافة القبلية، ومفاهيم الانتماء، والولاء بدأت تميل فيه لصالح مؤسسة القبيلة، والمذهب، والفئة، العائلة، بدلاً من الوطن، وهذا خلاف منطق الأشياء، لأن الناس بعد مدة من العيش في وطن واحد يجمعهم، يبدأون ينصهرون في بوتقة واحدة، أو على الأقل تعلو لديهم مفاهيم الانتماء الوطني على مفهوم الجماعة الاثنية أو العرقية التي ينتمي لها الانسان.
لكن الأمر فعلا بدأ يصبح مزعجاً، اذ انه يُظهر قبحاً، ويستحث تعصباً، ويستثير تشرذماً، ويستزيد تشظياً، وهذا أثره باقٍ في النفوس، حتى بعد زوال المثير، لأن الجميع يحتفي به، ويحرص عليه، وثمة مناسبات انتخابية قادمة لاستثارته من جديد.
كانت ظاهرة «التزكيات» القبلية لممثليها، تتم على نطاق ضيق، وربما ليس لها قبول كبير أو تأثير، حتى بين أوساط الطلبة أنفسهم، لكن المسألة بدأت تتكرس، خاصة في انتخابات هذا العام، وشاهدنا تتم بكل وضوح وشفافية، هذه الشفافية التي لا نحبها في هذا الموطن، بل وصل الأمر لوسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل فيه فخر، وعزة، ولا شك ان الانسان، أي انسان، يحب ان يفخر بنفسه ونسبه، لكن هذا الأمر لا يستقيم في انتخابات نقابية لطلبة في الجامعة، وسيقودون بلدهم في قادم الأيام، وأنا هنا لا أتحدث بأسلوب انشائي، بل هذا ما يحصل، فالجيل الحالي من طلبة الجامعة والهيئة العامة للتعليم التطبيقي، سيدخلون سوق العمل قريباً، وبالتالي بمثل هذه الثقافة، لن يكون للوطن حيز كبير هناك.
فكرة طرح التزكية القبلية كبوصلة للطالب الذي ينتمي للقبيلة نفسها، فكرة خاطئة لأنها تحدد خياراته سلفاً، وبناء على معيار قبلي وحيد، فأنا أختار هذا الشخص ليس لأحقيته، أو كفاءته، أو مهاراته، بل لسبب، وسبب يتيم، هو أنه من قبيلتي، وينبغي علي ان أختاره لهذا الأمر! أي رسالة نوصلها للمجتمع حين يقوم الطلبة الجامعيون بالاحتماء بالقبيلة، وحين يلجأ المواطنون في المجتمع الى الاحتماء بالقبيلة في انتخابات مجلس الأمة أو الأندية الرياضية أو الجمعيات التعاونية؟ هي سلسلة من الممارسات التي تتم بمجتمعنا الصغير، لكن المؤسسات التربوية والشبابية وحتى الاعلامية لا تأبه كثيراً لصهر أفراد المجتمع (ولا أعني أبناء القبائل وحدهم)، جميعهم في بوتقة الوطن الواحد الذي يحتضننا، ويجعلنا ننظر للمواطنة بطريقة راقية، مما ينسحب على جميع ممارساتنا في وطننا.
القبيلة والمذهب والعائلة والفئة والعائلة كلها يجب ان تنزوي حين نتحدث عن الوطن، الذي يجمعنا فعلاً، لأنها لعبة خطيرة تلك التي تمضي بنا الى الركون الى جماعات صغيرة في المجتمع، لتشعرنا بالقوة، والمنعة، والانتماء.
ان جامعة الكويت بكل اداراتها المعنية، وجمعية أعضاء هيئة التدريس، واتحاد الطلبة والروابط العلمية عليها ان تتخذ موقفاً من ذلك، ولا أقصر الأمر على مفهوم القبلية، بل حتى على المذهبية والفئوية، والمناطقية، وأرى ان اتحاد الطلبة والروابط العلمية مطالبون أكثر من غيرهم، لأنهم قد يكونون من المستنفدين من هذه الظاهرة، وهم من يحتك بالطلبة بشكل مباشر، وبالتالي عليهم ان يواجهوها.أما نحن أعضاء هيئة التدريس، فدورنا ان نساهم بالوعي، ونناقش الفكرة مع طلبتنا، وألا نكون من الداعمين لفكرة الانتخابات الفرعية للقبيلة سواء داخل أو خارج الجامعة.ان التنسيق بين الطلبة جيد ومحمود، ولكن ليس بهذه الصورة الفجة، والتي، كما أسلفت، تشوه صورة الانتخابات الطلابية.هذه دعوة للجميع، وخصوصاً أبنائي الطلبة، الذين نقدرهم، ونثق بعقولهم وحصافتهم، بأن يفكروا بالصورة الأكبر والشمل والأرحب..يفكروا بالوطن.
ولنتفق، من البداية، على أمر واضح وبين، وهو أني أدرك جيداً طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه، وأعي تأثير فكرة الانتخابات الفرعية في انتخابات مجلس الأمة، على العمل النقابي الطلابي، وأعلم ان الثقافة القبلية، ومفاهيم الانتماء، والولاء بدأت تميل فيه لصالح مؤسسة القبيلة، والمذهب، والفئة، العائلة، بدلاً من الوطن، وهذا خلاف منطق الأشياء، لأن الناس بعد مدة من العيش في وطن واحد يجمعهم، يبدأون ينصهرون في بوتقة واحدة، أو على الأقل تعلو لديهم مفاهيم الانتماء الوطني على مفهوم الجماعة الاثنية أو العرقية التي ينتمي لها الانسان.
لكن الأمر فعلا بدأ يصبح مزعجاً، اذ انه يُظهر قبحاً، ويستحث تعصباً، ويستثير تشرذماً، ويستزيد تشظياً، وهذا أثره باقٍ في النفوس، حتى بعد زوال المثير، لأن الجميع يحتفي به، ويحرص عليه، وثمة مناسبات انتخابية قادمة لاستثارته من جديد.
كانت ظاهرة «التزكيات» القبلية لممثليها، تتم على نطاق ضيق، وربما ليس لها قبول كبير أو تأثير، حتى بين أوساط الطلبة أنفسهم، لكن المسألة بدأت تتكرس، خاصة في انتخابات هذا العام، وشاهدنا تتم بكل وضوح وشفافية، هذه الشفافية التي لا نحبها في هذا الموطن، بل وصل الأمر لوسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل فيه فخر، وعزة، ولا شك ان الانسان، أي انسان، يحب ان يفخر بنفسه ونسبه، لكن هذا الأمر لا يستقيم في انتخابات نقابية لطلبة في الجامعة، وسيقودون بلدهم في قادم الأيام، وأنا هنا لا أتحدث بأسلوب انشائي، بل هذا ما يحصل، فالجيل الحالي من طلبة الجامعة والهيئة العامة للتعليم التطبيقي، سيدخلون سوق العمل قريباً، وبالتالي بمثل هذه الثقافة، لن يكون للوطن حيز كبير هناك.
فكرة طرح التزكية القبلية كبوصلة للطالب الذي ينتمي للقبيلة نفسها، فكرة خاطئة لأنها تحدد خياراته سلفاً، وبناء على معيار قبلي وحيد، فأنا أختار هذا الشخص ليس لأحقيته، أو كفاءته، أو مهاراته، بل لسبب، وسبب يتيم، هو أنه من قبيلتي، وينبغي علي ان أختاره لهذا الأمر! أي رسالة نوصلها للمجتمع حين يقوم الطلبة الجامعيون بالاحتماء بالقبيلة، وحين يلجأ المواطنون في المجتمع الى الاحتماء بالقبيلة في انتخابات مجلس الأمة أو الأندية الرياضية أو الجمعيات التعاونية؟ هي سلسلة من الممارسات التي تتم بمجتمعنا الصغير، لكن المؤسسات التربوية والشبابية وحتى الاعلامية لا تأبه كثيراً لصهر أفراد المجتمع (ولا أعني أبناء القبائل وحدهم)، جميعهم في بوتقة الوطن الواحد الذي يحتضننا، ويجعلنا ننظر للمواطنة بطريقة راقية، مما ينسحب على جميع ممارساتنا في وطننا.
القبيلة والمذهب والعائلة والفئة والعائلة كلها يجب ان تنزوي حين نتحدث عن الوطن، الذي يجمعنا فعلاً، لأنها لعبة خطيرة تلك التي تمضي بنا الى الركون الى جماعات صغيرة في المجتمع، لتشعرنا بالقوة، والمنعة، والانتماء.
ان جامعة الكويت بكل اداراتها المعنية، وجمعية أعضاء هيئة التدريس، واتحاد الطلبة والروابط العلمية عليها ان تتخذ موقفاً من ذلك، ولا أقصر الأمر على مفهوم القبلية، بل حتى على المذهبية والفئوية، والمناطقية، وأرى ان اتحاد الطلبة والروابط العلمية مطالبون أكثر من غيرهم، لأنهم قد يكونون من المستنفدين من هذه الظاهرة، وهم من يحتك بالطلبة بشكل مباشر، وبالتالي عليهم ان يواجهوها.أما نحن أعضاء هيئة التدريس، فدورنا ان نساهم بالوعي، ونناقش الفكرة مع طلبتنا، وألا نكون من الداعمين لفكرة الانتخابات الفرعية للقبيلة سواء داخل أو خارج الجامعة.ان التنسيق بين الطلبة جيد ومحمود، ولكن ليس بهذه الصورة الفجة، والتي، كما أسلفت، تشوه صورة الانتخابات الطلابية.هذه دعوة للجميع، وخصوصاً أبنائي الطلبة، الذين نقدرهم، ونثق بعقولهم وحصافتهم، بأن يفكروا بالصورة الأكبر والشمل والأرحب..يفكروا بالوطن.
خالد القحص | الوطن