التطبيقي واستراتيجية الطاقة المتجددة كتب : ا. د. عبداللطيف بن نخي
ا. د. عبداللطيف بن نخيقبل ما يقارب العام، تم تشكيل لجنة فنية للترشيد في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب. المهمة الرئيسة لهذه اللجنة، هي وضع الخطط والبرامج والمواصفات الخاصة بترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية والمياه. ولا شك بأنها مهمة كبيرة تتطلب فريق عمل متكاملا في معارف وخبرات ومهارات أعضائه، وحريصا على التناغم في أدائه وفق منهجية علمية عملية.منذ اول اجتماعاتها، اعتمدت اللجنة منهجية ترشيد متوافقة مع تلك المتبعة عالميا للتدقيق في استهلاك الطاقة بالمباني (Energy Auditing)، والمعدة من قبل الجمعية الأميركية لمهندسي التبريد وتكييف الهواء (ASHREA). ولذلك تم تحديد خطة عمل تتكون من مرحلة تمهيدية تليها ثلاث مراحل أساسية.اثناء عمل اللجنة في المرحلة التمهيدية، التي تتضمن جمع وتحليل المعلومات المرتبطة – في شكل مباشر أو غير مباشر – باستهلاك الكهرباء والماء في المرافق التابعة للهيئة ومقارنتها بنظيراتها من المباني الخضراء في الكويت وخارجها، خلصت اللجنة الى العديد من الرؤى والتوجهات والتوصيات المحورية.ما يهمني في هذا المقال، ما يرتبط بالعقيدة الترشيدية للجنة، حيث إنها مبنية على أصول عدة ابرزها ثلاثة، الأول أن الهدف من الترشيد ليس مقتصرا على تقليل التكلفة المالية وحفظ مخزوننا الوطني من الوقود الأحفوري، بل ان الغاية هي استدامة التنمية الوطنية وفق الموجهات العالمية. والثاني، وجوب مشاركة جميع المنتسبين للهيئة في جهود الترشيد، كالطلاب والمدرسين والإداريين والعمال، لأن مشاركتهم تضمن قدرة ترشيدية أقوى في التأثير وأطول في الاستمرار. وأما الثالث، فهو ضرورة توظيف كل القنوات المتاحة للترشيد كالقرارات الإدارية والمناهج الدراسية والفحوصات المختبرية والتدريب الميداني والدورات التدريبية والبحوث العلمية.لا شك بأن جهود ترشيد الاستهلاك في المباني مقترنة عالميا بمشاريع لإنتاج الطاقة المتجددة ضمن حدود تلك المباني، لذلك توجهت اللجنة نحو تعزيز انتاج الطاقة المتجددة، وفي شكل رئيسي انتاج الكهرباء من الخلايا الشمسية، في مرافق الهيئة ولكن في شكل يتوافق مع أصول عقيدتها الترشيدية. لذلك قررت اللجنة المبادرة بتنظيم ندوة بعنوان «التطبيقي وإستراتيجية الطاقة المتجددة» على أن تقام الثلاثاء المقبل الموافق 8 مارس في المجمع التكنولوجي في الشويخ.من الجانب الأكاديمي، اللجنة تستهدف خلق مجتمع تعليمي تدريبي يرعى التناغم بين الأنشطة المختلفة المرتبطة بالطاقة المتجددة. فالمنشود هو مجتمع أكاديمي يمتلك محطات لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة، ويوفر مناهج أكاديمية في علوم الطاقة المستدامة، ويقدم برامج تدريبية على تكنولوجيات الطاقة الخضراء، وينجز ابحاثا علمية لرفع كفاءة انتاج تلك الطاقة، ويفحص سلامة وكفاءة أجهزة وأنظمة توليد الطاقة المتجددة. فاللجنة ترى أن المدرس الذي يشارك في فحوصات وأبحاث الطاقة المتجددة أكفأ في إعداد الكوادر التقنية للقطاع ذاته من سوق العمل، وتؤمن بأن الطالب الذي يتدرب في محطات لإنتاج الطاقة المتجددة المملوكة للمؤسسة التعليمية نفسها سيحظى بتعليم تطبيقي أفضل وبتدريب أوفر.وأما من المنظور الوطني، فان الغرض من هذه الندوة تحفيز استحداث برامج ومناهج تزود سوق العمل بالكوادر التقنية المطلوبة لإنشاء وتشغيل وصيانة الانظمة الخاصة بإنتاج الطاقة المتجددة، المشمولة في الرؤية الاستراتيجية التي طرحها حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه في كلمته أمام مؤتمر الأمم المتحدة الثامن عشر لتغير المناخ في الدوحة في عام 2012، حيث جاء فيها أن دولة الكويت اعتمدت خطة طموحة تهدف إلى استخدام الطاقة المتجددة بنسبة تصل إلى 15 في المئة من اجمالي الطاقة المستهلكة في الكويت بحلول العام 2030.لذلك علينا – كمؤسسة للتعليم التطبيقي والتدريب التقني والفني – أن نسارع في تأهيل كلياتنا ومعاهدنا لاستقبال الطلبة وإعداد الكوادر الوطنية المطلوبة لتحقيق تلك الرؤية الاستراتيجية.لذلك أدعو جميع المهتمين بمستقبل الطاقة المتجددة، الى المشاركة في هذه الندوة التي ستوفر المناخ الملائم لتبادل الخبرات والمعارف بين القطاعات الرئيسة المشكلة لمستقبل الطاقة المتجددة في الكويت. الدعوة لا تشمل فقط المؤسسات البحثية ومؤسسات التعليم العالي والموردين والمقاولين والمنتجين – الحاليين والمحتملين – للكهرباء من مصادر الطاقة المستدامة، بل تشمل المؤسسات المعنية بالتخطيط وعلى رأسها الأمانة العامة للتخطيط.علاقة التعليم التطبيقي بالأمانة العامة للتخطيط ينبغي أن تتطور بحيث تمكن التطبيقي من المشاركة في رسم الخطط الاستراتيجية للدولة إلى جانب دورها التقليدي المتمثل في تنفيذها… «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».
