الفنون رافد للاقتصاد الثقافي… دعوة لإنشاء كلية متخصصة بالكويت | بقلم: د. خالد الهيلم الزومان

أعلنت المملكة العربية السعودية مؤخرًا عن إنشاء كلية الفنون بالرياض، وهي خطوة رائدة تؤكد على أن الثقافة والفنون لم تعد ترفًا، بل ركيزة أساسية في خطط التنمية التي أشارت إليها المملكة في رؤيتها 2030 ، وقد نجحت السعودية في تأسيس هيئات متخصصة للتراث والفنون، وضعت لها أهدافًا واضحة، وخططًا زمنية محكمة، وأجهزة متابعة دقيقة، لتترجم الطموحات إلى إنجازات ملموسة انعكست على المشهد الثقافي والفني في المنطقة.
هذا التوجه السعودي يثبت أن الاستثمار في الثقافة والفنون هو استثمار استراتيجي يعزز الهوية الوطنية، ويقوي الاقتصاد الإبداعي، ويمنح الدولة موقعًا متقدمًا على الخريطة الثقافية العالمية.
الفنون هوية وذاكرة
يقول الفيلسوف فرانسيس بيكون ” ان المعيار الحقيقي لحضارة الشعوب يقاس بمدى ازدهار الفنون فيها ” فالفنون هي المرآة التي تعكس ثقافة الشعوب وتقدمها، وهي الإرث الباقي الذي يشهد على حضاراتها، ولطالما ارتبطت قيمة المتاحف ودور العرض بما تحتويه من فنون وآثار وحرف أصيلة، ولذلك فإن التركيز على السياحة الثقافية، كما جاء في رؤية الكويت 2035، لا يمكن أن يتحقق بصورة مؤثرة إلا بوجود قاعدة بشرية مؤهلة قادرة على إدارة هذا القطاع وتنميته.
دعوة إلى كلية فنون بصرية مستقلة
سبق وأن كتبت مقال في جريدة أكاديميا بتاريخ 20/6/2025 ” نحو كلية للفنون البصرية والتصميم ” ومن هنا تتجدد الدعوة إلى إنشاء كلية مستقلة للفنون البصرية والتصميم في الكويت، تكون نواتها أقسام الفنون القائمة حاليًا في كلية التربية الأساسية، مع التوسع في رؤيتها لتكون أشمل وأوسع لتلبية احتياجات سوق العمل وتساهم في تحقيق رؤية الكويت 2035.
هذه الكلية المقترحة يجب أن تضم برامج أكاديمية متطورة تشمل:
• تصميم وإدارة المتاحف والمعارض ودور العرض.
• إعداد مصممين للميادين العامة والساحات والمطارات.
• تخصصات في إدارة وتسويق الأعمال الفنية.
• برامج للفنون الرقمية والتفاعلية.
• مسارات لتخريج حرفيين قادرين على إنتاج هدايا تذكارية تحمل الطابع التراثي الكويتي، بما يخدم السياحة الثقافية.
دروس من التجارب العالمية
إن التجارب الدولية الناجحة تثبت أن الاستثمار في الفنون يعود بفوائد اقتصادية هائلة، فالمتاحف الكبرى مثل اللوفر في باريس أو المتحف البريطاني في لندن تمثل مصادر دخل سياحي بمليارات الدولارات سنويًا، إضافة إلى دورها في تعزيز مكانة دولها عالميًا، والكويت، بما تملكه من إرث حضاري وثقافي وموقع استراتيجي، قادرة على أن تكون وجهة بارزة للسياحة الثقافية إذا ما وُجدت مؤسسات أكاديمية متخصصة ترفد هذا المجال بالكوادر الوطنية.
رؤية للمستقبل
إن إنشاء كلية فنون بصرية مستقلة لن يكون مجرد مشروع أكاديمي، بل مشروع وطني يواكب رؤية الكويت 2035، ويؤسس لاقتصاد إبداعي متنامٍ، ويدعم الهوية الوطنية عبر الفن والثقافة. كما أنه يفتح أمام الشباب الكويتي آفاقًا مهنية جديدة في سوق عمل يحتاج إلى مصممين، ومنسقين، وحرفيين، وفنانين قادرين على الجمع بين الأصالة والابتكار.


